لا يخفى على المتابع للشأن العراقي ما يقوم به الكثير من السياسيين من عمليات إجهاض متعمدة لكل المحاولات القيصرية لولادة أسس وأنظمة وقوانين تعمل على أعادة أوضاع بلد يتعرض منذ سنوات كثر لأشرس عمليات التمزق والتشرذم بسياسات مصنعة والأخرى مصدرة من دول لا تحتمل الخير لبلد قوي في منطقة حيوية اقتصادية في الشرق الأوسط .
أن إمكانية ترتيب الوضع السياسي والاقتصادي يبدوا صعبا للغاية في ظل الجو السياسي المشحون والمقرون بالانشقاقات الحاصلة بين موجهي البوصلة السياسية وهي من تشعل نيران الفتن الخامدة وخلايا الإرهاب التي تعتاش على ما تجده من ثغرات تلج من خلالها وتوجهه إلى الشارع وتعود سلبا عل المواطن العراقي والذي أصبح من اكبر دافعي الضرائب الدموية والنفسية عبر أمتهان لغة التسويف والمماطلة والمماحكة والخلافات السياسية وتوظيفها بما يخدم المشهد السياسي وتصدير تلك التداعيات إلى الشارع العراقي .
فغياب المشروع الوطني والحوارات والتفاهمات الصريحة والموضوعية ووحدة البناء والعمل المشترك وصدق النوايا كل ذلك يلقي بظلاله على مسببات العيش الأمن والكريم للفرد العراقي فاستخدام الملعب الاولمبي لمجلس النواب للتباري وكسب الرهانات عبر الامتيازات الفئوية والحزبية الضيقة بات واضحا دون الالتفات الى تقديم برنامج عملي وعلمي واضح يساعد على أعادة ترميم البلد من تراكمات السياسة الهوجاء والابتعاد عن النهج السليم في قيادة الدولة في الزمن الغابر للنظام السابق ومالحق بالعراق من جراء الاحتلال الأميركي والأعمال الإرهابية التي رافقته حتى يومنا هذا .
كل هذه الظروف رافقت الماراثون السياسي في موضوعة الميزانية واقرارها من قبل كتلنا السياسية والجدل الظاهر عبر وسائل الأعلام المسموعة والمقرؤة والمرئية وخلافاتهم المسببة لعدم التصديق او على الأقل باكتمال النصاب القانوني لمناقشة فقراتها و استمرار دوران عجلة الحياة ففي أثناء فترة ما قبل التصويت كانت هنالك محاولات للبعض في الضد منها وهو حسب علمي مرتبط بأجندات تخريبية تعطيلية تهدف الى التأثير على المواطن العراقي وجره الى مسلسل العنف والدفع في دق إسفين الجهد الطائفي وايقاضه .
ان ماتجتهد به بعض تكوينات البرلمان العراقي هو غير مانجده في برلمانات العالم التي تسعى حتى في اختلاف توجهاتها الى السعي والتسابق بل وحتى التمايز الى ما يخدم سياسة البلد في الحاضر والمستقبل من خلال أيجاد رؤى يتفق عليها او خلق حزم من الأهداف والأنظمة والقوانين متفق عليها من أعلى سلطتين التشريعية التي تدعم وتحمي بنودها وسلطة تنفيذية لتلك المتبنيات على صعيد السياسة والاقتصاد والاجتماع وكل ما يتعلق بسياسة الدولة والفرد فيها.
الميزانية في العراق لها مدلولات سياسية تبرز للجميع ولا عيب في ذلك بشرط ان لا تكون تجاذبات وجدل سياسي عقيم ونزاع حزبي وفئوي متسلط بعيدا عن هم المواطن العراقي في الوقت التي يفترض أن نجعل منها حدثا حيويا مهما وتنافسيا لطرح أهم الأفاق المستقبلية في توجيه الدولة والمواطن نحو برامج وطنية عليا مدروسة ومفهومة يشارك الجميع في طرحها وتبنيها.
اهمية الموضوع تكمن في أن الميزانية مرت بولادة عسيرة وبعملية قيصرية كدنا نفقد مولودها المنتظر للشعب العراقي ليتغنى به امام الاخرين , فالإخبار المتوالية كانت تصل بين الحين والحين انها قرت , لا سيتم التصويت. قرت .لا….لا…..لا…. لم تقر…؟ أخيرا قرت في عصر يوم الخميس من شهر أذارالموافــــــــق 7/3/ 2013 وسط فرحة أدامها الصبر الطويل للشعب العراقي وتم التصويت على أقرار موازنة العراق لعام 2013 بحجم 138 تريليون دينار عراقي اي ما يعادل 118 مليار دولار وهي ميزانية فضائية انفجارية خارقة للحجب الكونية وهي أعلى ميزانية في تأريخ العراق .
رغم الملاحظات الكثيرة التي رافقت عملية الإقرار والتصويت لها كان هنالك املآ يلوح بالأفق لما تحمله من بشائر خيرا لأيامنا المقبلة بقدر تعلق الأمر بمسببات العيش لجيوش العاطلين من أبناء الشعب العراقي ونشيد بالذكر ببعض الكتل السياسية الوطنية المنبثقة من صميم معاناة الشعب العراقي والجهود المشكورة للخط الصدري المتمثل بزعامة رجل الدين العراقي مقتدى الصدر والذي اعتصم أنصاره ومن التحق معهم من أبناء الشعب أمام مبنى البرلمان العراقي للمطالبة بإقرار الميزانية وتضمينها بجملة من القرارات الحيوية والمهمة واخص بالذكر تخصيص نسبة 25%من واردات النفط العراقي وتوزيعه على عموم الشعب العراقي وبأثر رجعي لسنتين متواليتين والإصرار على المحـــــــافظة على نظام وآلية البطاقة التموينية وزيادة وتحسين مفرداتها وإعادة المفصولين من الأجهزة الأمنية خلال عملية صولة الفرسان وتثبيت العاملين المتعاقدين في دوائر الدولة (موظفي العقود) في وزارتي الكهرباء والنفط وتخصيص نسبة 100 إلف دينار عراقـــي لشريحة المتقاعــدين لمن تقل رواتبهم عن 400 ألف وهم شريحـة مهمة من الرجال والنساء والذين افنوا سنوات من عمرهم بخدمة البلد .
كل الذي اشرنا إليه من القوانين المقرة بعيدا عن تعقيدات الأمور السياسية والاقتصادية والنظم المالية تخدم شريحة كبرى من الناس ولها تأثير مباشر وحيوي في رفع الحيف والظلم الذي وقع على أبناء الشعب العراقي في محاوله لنفض غبار السنين العجاف والعيش بكرامة في بلد يتربع على رابع اكبر احتياطي للنفط في العالم بواردات نفطية تتراوح بنسبة 95% من تمويل لميزانية العراق التي تفوق ميزانية خمس دول عربية. .
الفرص تمر مرور السحاب والفرصة المؤاتية ألان هي الأكبر……. أملي من الجميع استثمار هذا الخير بتوجهات تدعم الفرد العراقي بالدرجة الأساس عبر الإصلاح السياسي والذي سيكون متبوعا بتطور اقتصادي سيعود بالخير والطمأنينة على الجميع.