القناعات الأخيرة التي حصلت عند السعودية بخطر المشروع الإيراني وتدخله الواضح في المنطقة العربية ولدّت عندها ضرورة ملحة على اتخاذ قرارات حاسمة على الصعيد العسكري والسياسي التي أسفرت عن تشكيل تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الاذرع الإيرانية العابثة في دول المنطقة وشل حركتها بقرارات سياسية وتصنيفها على قائمة الإرهاب وهو العنوان الرئيس لتشكيل التحالف العسكري الإسلامي , أما على الصعيد السياسي دون التدخل العسكري فبرز هذا الدور السياسي في الاحداث الأخيرة في العراق من تظاهرات واعتصامات في خطوات متطورة وجديدة على الواقع السياسي العراقي, لأن السعودية تعي جدا بأهمية وإستراتيجية موقع العراق بالنسبة لها ولدول المنطقة الخليجية والعربية عموماً وتعلم جيداً بنفوذ ايران وتحكمها في القرار والمشهد السياسي وبالتالي فأنها تعي أنها لا يمكن ان تتقدم الى الامام في مشروعها وصراعها مع ايران الا اذا تمكنت من تجريد ايران من سطوتها السياسية في العراق من خلال الشخصيات الحكومية والأحزاب والمليشيات الموالية لها , فرأت السعودية أن الاعتصامات والتظاهرات الأخيرة يمكن ان تقدم لها مقدمة ذلك بعد طرح مطلب حكومة تكنوقراط مستقلة بعيدة تأثيرات الأحزاب الطائفية والشيعية بالخصوص في مقابل تنشيط وتفعيل الدور السني الذي يلاقي تأييداً أمريكيا , فأيدت وباركت هذه الاعتصامات والمطالب إعلامياً وسياسياً ومادياً من خلال وسطاء فاعلين ومؤثرين في الوسط السياسي , الأمر الذي شعرت به ايران وعبرت عن قلقها ورفضها لما يدور في الشارع العراقي والمشهد السياسي وسخّرت جهودها وفكرها لوضع خطة تربك وتفشل الحراك الاعتصامي الأول ونتائجه مستخدمة التهديد السري والعلني وكذا الدهاء السياسي عندما اوعزت لمجموعة من أعضاء البرلمان المطيعين والموالين لها والمعروفين بعداءهم للسعودية اوعزت لهم بانتهاز فرصة المبادرة الى الاعتصام البرلماني وبالخصوص الذين لم يتورطوا ويتعجلوا بامضاء وثيقة الشرف (اللاشرف) والتي مفادها البقاء على الشراكة والمحاصصة والتكنوقراط الحزبية غير المستقلة , الهدف من هذا الاعتصام البرلماني قلب المعادلة وتوجيه البوصلة لأشخاصهم وللظهور امام الشعب بمظهر الوطنية والحرص والإخلاص فنجحت ايران بتعبئتهم هذه وتحشيد أصوات المتظاهرين معهم وأول خطوة اتخذوها إزاحة رئيس البرلمان الوسيط المهم مع السعودية وثقتهم في المرحلة التي تريدها , وكذا احراج قائد التيار الصدري الذي ترك الاعتصام الأول ! وتركه أمام خيارات أما أن يكون مع الاعتصام البرلماني وهذا يعني تحيده وتحجيمه ضمن ما تريد ايران وليس السعودية وأما ان يترك الاعتصام البرلماني ويلجأ الى المعسكر الاخر الذي وقع وثيقة المحاصصة وهذا يعني تراجعه عن المطالب التي اعتصم من اجلها وبالتالي تهوينه بالشارع وتسقيطه ! وأما ان يترك المعتصمين في البرلمان دون ان يلجأ صراحة الى الغير معتصمين لكنه ضمناً يكون قد خذل المعتصمين ونصر الغير معتصمين أصحاب المحاصصة ووثيقة اللاشرف وبكل الأحوال هو ارباك لأصل التظاهرات والاعتصامات ونزع ثقة المتأملين فيها خيراً وشرذمة اعدادها التي بدأت تقل فعلاً ! وبالنتيجة ايران قد نجحت الى حد كبير كما أشار لهذه الاحداث وبقراءة دقيقة المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني في جواب له على استفتاء قدم له بتاريخ 18-4-2016 (القراءة الأولية للأحداث الأخيرة تشير الى: أ ـ إنّ التظاهرات والاعتصامات الأولى عند أبواب الخضراء كانت بتأييد ومباركة ودعم القطب الثالث الجديد المتمثّل بالسعودية ومحورها الذي يحاول أن يدخل بقوةٍ في العراق والتأثير في احداثه ومجريات الأمور فيه، منافساً لقطبي ومحوري أميركا وإيران.ب ـ أما الاعتصام الثاني للبرلمانيين فالظاهر أنه بتأييد ومباركة ودعم بل وتخطيط إيران لقلب الأحداث رأساً على عقب وإفشال وإبطال مخطط ومشروع محور السعودية وحلفائها، وقد نجحت ايران في تحقيق غايتها الى حدٍّ كبير.جـ ـ أما الاعتصامات الأخيرة عند الوزارات فلا تختلف عن سابقاتها في دخولها ضمن صراعات اقطاب ومحاور القوى المتدخلة في العراق فلا يُرجى منها أيّ خير لشعب العراق.د ـ أرجو وأدعو الله تعالى أن تحصلَ صحوةُ ضميرٍ حقيقية عند الرموز والقيادات المؤثرة فتكون صادقة وصالحة لقيادة الجماهير نحو التغيير والإصلاح الجذري الكلي وتحقيق الخلاص، وسنكون جميعا معهم. )