من الصعب جدا التصور بأن نوايا النظام الايراني تميل الى العودة للإتفاق النووي والإذعان للشروط والمطالب الدولية المطروحة، ولکن وفي نفس الوقت، فإنه ليس من الصعب أبدا معرفة حقيقة أن هذا النظام يقوم بمراوغة وخداع واضح للعيان من أجل عدم الامتثال للمطالب الدولية، إذ ومنذ أن بدأت محادثات فيينا ولحد الان لم تتمخض عن أية نتيجة يمکن أن تقود للإتفاق، ولاسيما بعدأن تزايدت تقارير المعلومات التي تٶکد بأن النظام الايراني يسعى للمراوغة واللف والدوران وإشغال المفاوضات بقضايا وأمور جانبية.
مع إعلان النظام الايراني عن تخصيب اليوارنيوم بنسبة 20% في خرق واضح للإتفاق النووي، فقد زعم هذا النظام بأن السياسة التي تعتمدها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن “تعارض” رغبته المعلنة بإحياء الاتفاق النووي. وبهذا الصد فقد رأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في تصريحات له يوم الثلاثاء الماضي، أن “تأكيد بايدن على اتباع وممارسة سياسة الضغط الاقتصادي والدبلوماسي ضد إيران يتعارض مع تعبيره عن رغبة هذا البلد في إحياء الاتفاق النووي”، کما إنه إعتبر أيضا أن”استمرار لسياسة الضغط الأقصى الفاشلة التي بدأتها إدارة ترمب ضد إيران”، وهذا الموقف الايراني قد جاء عقب مقال رأي لبايدن نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأسبوع الماضي، قال فيه إن إدارته “ستواصل زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي حتى تصبح إيران مستعدة للعودة إلى الامتثال للاتفاق النووي لعام 2015”
التصريحات والمواقف المعلنة من جانب القادة والمسٶولون في النظام الايراني والتي تجنح دائما بإتجاه إتهام الاطراف الاخرى عموما والامريکي خصوصا بعرقلة التوصل للإتفاق وإشغال المفاوضات بمطالب وأمور جانبية في حين إن الحقيقة کانت ولازالت خلاف ذلك تماما، ولاسيما وإن معظم الادلة والمٶشرات تدل على إن النظام الايراني يقوم بإستغلال الظروف الدولية والعامل الزمني من أجل المضي قدما في مساعيه السرية وصناعة وإنتاج القنبلـة النووية.
الحجج والمبررات والمعاذير التي دأبت طهران على طرحها، أکثر مايلفت النظر فيها إنها هي نفسه ويتم تکرارها بصيغ وتعابير متباينة وهو ماقدأصبح واضحا للأوساط الدولية وخصوصا وإن نوايا هذا النظام لاتبدو أبدا سليمة بل وحتى مريبة وإنه لم يتمکن لحد الان من طرح أفکار وتصورات مقنعة بشأن ماهو مطروح من مطالب دولية أمامه وإنما هو يبادر الى التهرب من تلك المطالب والابتعاد عنها بطرح أمور ومسائل جانبية، ومهما يکن فإن الصبر الدولي لابد من أن يکون له ثمة حدود وخصوصا مع وصول المساعي السرية لهذا النظام الى منعطف خطير جدا بحيث يتطلب رد فعل عملي يکون في مستوى ذلك وليس مجرد تصريحات ومواقف نظرية!