19 ديسمبر، 2024 1:59 ص

الاصلاح .. وتدوير الفساد

الاصلاح .. وتدوير الفساد

لا يخفى على احد ان السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية ينخرها الفساد المالي والاداري منذ التغيير ولحد هذا اليوم .. والكثير ممن طالب بالاصلاح او نادى به لم يستطيع تعريف الاصلاح ومن اين يبدأ والى اين ينتهي فأغلب المطالبون بالاصلاحات ركبوا موجته لاغراض سياسية ونفعية  او نتيجة لضغط الشارع وليس لمحاربة الفساد لذا رأينا ضمور جميع تلك المطالبات وانتهائها بتسويات شكلية وتغيير وجوه بأخرى بمعنى تدوير الفساد ..فتعريف كلمة الاصلاح تعني معالجة الاخطاء الحاصلة في النظام وتقديم من قام بهذه الاخطاء الى القضاء والاصلاح لا يعني تقاعد المفسد او عزله وانما تقديمه للعدالة وفق القوانين المعمول بها ..بالنتيجة نصل الى من يريد الاصلاح في العراق عليه محاربة المفسدين وتقديمهم للقضاء ومصادرة الاموال التي استولوا عليها بعد التغيير عام 2003 وليس الاصلاح هو تغيير وزير فاسد او احالته على التقاعد فهذه الخطوة بحد ذاتها تعتبر تكريم للمفسدين وليس معاقبتهم وهذه الخطوة قادتنا وستقودنا نحو تراكمات كثيرة جدا، فيختبئ اصغر مرتشي او سارق او مستغل لمنصب ما خلف تلك الترقيعات .. والامثلة كثيرة على ذلك .. فما نسمعه اليوم من ان الحسابات الختامية للدولة العراقية منذ عام 2007 والى الان لم يتم الانتهاء منها هذا دليل على ان اموال الشعب العراقي اغلبها سرقت وان السلطات جميعها مشتركة بهذه العملية . وهي تعمل على تسوية تلك الحسابات والتغطية على السرقات الكبيرة التي حصلت باتفاقات سياسية .ان محاولات السيد مقتدى الصدر بالاصلاح باءت بفشل كبير ولم يحقق اي انتصار يذكر سوى تغيير وزراء سارقين بأخرين تقاعدوا عن السرقة من قبل او هم الان في طور التحضر للانقضاض على ما تبقى من المال العام… ومحاولته ايضا بينت للشارع العراقي تجمع اغلب الفرقاء السياسيين (الاعداء) حين شعروا بالخطر واتفاقهم على كلمة واحدة لمواجهة موجة الاصلاحات بأن يجب ان تمر الاصلاحات عبرهم ويجب هم من يقودوا هذه التغييرات الوزراية  .. ولسوء الحظ وقع السيد مقتدى بهذا المطب الكبير حين وافق على مطالب الكتل السياسية بأن يكون التغيير منها وليس من تطلعات الشعب .الفساد لا يقتصر على اخذ الرشا والابتزاز واخذ النسب من المقاولين او اعطاء كوبونات للاقارب والاصدقاء بل يشمل ايضا توزيع الاراضي الحكومية على الاحزاب الحاكمة وحاشيتها .. فكثير من اراضي الدولة قد وزعت على المسؤولين واولادهم واقاربهم بل ايضا يشمل ايجار املاك الدولة التي ايضا استولت عليها تلك الاحزاب وحاشيتها، فالمناصب الحكومية اصبحت تستغل للمنافع الشخصية او الحزبية فاستولت الاحزاب على اغلب الاراضي التابعة للحكومة ووزعتها على الطبقة الحاكمة وحاشيتها.من هنا فيجب ان يفعل قانون من اين لك هذا ويطبق على جميع موظفي الدولة العراقية وبعدها سنرى نتائج ايجابية باستعادة الاموال المسروقة ونصل بالنتيجة الى التقليل من معدلات الرشا المتزايدة في الدولة العراقية والقضاء على الفساد بكافة انواعه وتفرعاتهفي العراق الجديد وجد المنظرون المدافعون عن الحاشية الفاسدة مصطلحات جديدة تحمي الفاسدين مثل (افضل السيئين) او (اصلاح جزئي) او (رجل  المرحلة) او (تسوية سياسية)  واقنعوا الشارع العراقي بنظرياتهم هذه . وعملوا ايضا على زراعة الخوف عند العراقيين ورأينا كيف أتهم السيد مقتدى الصدر حين طالب بالاصلاح بمحاولة اسقاط العملية السياسية واشاعة الفوضى في البلاد واتفق على هذا اغلب الكتل السياسية واقنعوا الشارع العراقي بهذه النظرية  وخرج علينا رؤوساء الكتل السياسية من خلال الاعلام يحذرون المواطن ان هذه الاعتصامات ستعمل على اسقاط العملية السياسية والعودة الى حقبة البعث المقبور ..وهذه التحذيرات تذكرنا بالنظام المقبور حين كان يعمل على غسل الادمغة العراقية بأشاعات الغرض منها زرع الخوف في الشارع العراقي للطم اي محاولة لاسقاط نظامه..السيد مقتدى الصدر تعرض لضغوطات كثيرة اغلبها من المقربين كما قال في خطابه وهي بالتاكيد اتت من كتلة الاحرار النيابية والتي طالبته بعدم التنازل عن الوزرات التي حصلوا عليها وبالتأكيد هذه المطالب لا تخرج عن كون وزراء التيار الصدري متورطون بالفساد .المعركة بين المعتصمين والحكومة والبرلمان قد سويت بتغيير الوزراء باخرين وهذا اتى نتيجة لفهم خاطئ لمعنى الاصلاح او نتيجة لتغيير معنى الاصلاح حسب المزاجية السياسية او حسب المنافع المادية.هناك الكثير من الرؤوس الكبيرة التي ستطير ان طبق الاصلاح الحقيقي .. وهذه الاصلاحات ككرة الثلج ستكبر وتكبر ان ابتدأت بالتدحرج لذا نرى ان الكتل السياسية لا تريد لهذه الكرة بالدوران لئلا تشملها الاصلاحات.

أحدث المقالات

أحدث المقالات