23 ديسمبر، 2024 2:25 م

الاصلاحات التقشفية

الاصلاحات التقشفية

تزامنت القرارات التي اطلقها رئيس الوزراء وسارع رئيس مجلس النواب لشرعنتها ، مع تصاعد التظاهرات الجماهيرية المطالبة بالتغيير، واطلقوا على هذه القرارات حزمة الاصلاحات التي وعدوا بان تعقبها اصلاحات اخرى .

لقد اقتصرت ما اطلق عليها بحزمة الاصلاحات على بعض الاجراءات الترقيعية ذات الطابع المادي لغرض اسعاف خزينة الدولة الخاوية وهذه الاجراءات لاترقى حتى الى مستوى التقشف في ظل الظروف البالغة التعقيد في كافة مجالات الحياة لان الاصلاحات اخذت شكلا ماديا مجردا بالاستغناء عن بعض الدرجات الوظيفية والتي لاتشكل مردوداتها المادية اي قيمة بالنسبة لخزينة الدولة ،ولاتعالج حجم العجز في الموازنة العامة ،وهذا ليس هو المطلوب وانما يجب ان تكون هناك اصلاحات جذرية في هيكل العملية السياسية بكافة جوانبها واتخاذ الاجراءات الفاعلة والحاسمة في التقصي عن مئات المليارات التي هدرت ولااحد يعرف اين ذهبت .

لقد خرج العراقيون بعد صبر ومعاناة طويلين وتحملوا مالايتحمله اي شعب من قهر وظلم وتراجع في كل شيء وكان العراقيون كراما جدا مع السياسيين في كل المراحل منذ 2003 ولحد الان وتصور السياسيون ان كرم العراقيون وصبرهم خنوعا واستسلاما وضعفا وذلة ونسوا تاريخ العراق وشعبه الزاخر بالتصدي للظلم والظالمين عبر التاريخ ، ولذلك صار لزاما على كل السياسيين في الوقت الحاضر ان ينظروا الى الشعب بعين الاحترام وان يستجيبوا لارادته في التغيير.

ان التغيير الذي يريده المتظاهرون والذي يتطلع اليه كل ابناء العراق يجب ان يشمل جميع جوانب العملية السياسية وان لا يقتصر على اجراءات سطحية وتلميع خارجي لعملية متهرئة ادت بجميع نتائجها الى تراجع خطير في البنى التحتية والخدمات وفي امكانات العراق في جميع المجالات فالسياسة صارت ميدانا لتسلق اللصوص والفاسدين والعاجزين عن ادارة شؤون الدولة والاقتصاد العراقي الذي يفترض ان يكون الاقوى بين اقتصاديات دول العالم الثالث صارت خزينته خاوية واصبح يتصدر قائمة الدول الفقيرة في العالم فتراجعت الزراعة في بلد النهرين بشكل خطير جدا وكذلك حال الصناعة بعد ان توقفت الاف المصانع والمعامل عن العمل والانتاج وتفشت البطالة بشكل خطير لتتحول الى حاضنة جيدة للجريمة بكل انواعها والقضاء هو الاخر صار مظلة يختبيء تحتها الفاسدون .

ان الاصلاح يستوجب اولا اعادة النظر بالدستور ومغادرة الطائفية السياسية وكل سلوكيات المحاصصة واقامة دولة المواطنة وان تبنى مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والامنية على اسس الكفاءة والمهنية وتقود البلاد حكومة كفاءات من العناصر الوطنية المستقلة وتتصرف السلطة القضائية بحرفية ونزاهة عاليتين بعيدا عن اي تأثيرات سياسية او حزبية مهما كان مصدرها ليصبح القانون السيد الحاكم الذي لايستطيع كائن من يكون ان يتخطاه او يتجاوز عليه حينذاك سيستعيد العراق مكانته التي تليق به بين دول المنطقة والعالم وسيحتفظ المواطن العراقي بحقوقه كاملة دون انتهاك لانها محمية بالقانون وسيلتفت لاداء واجباته كمواطن يتطلع لبناء دولة حضارية مزدهرة .