23 ديسمبر، 2024 4:19 م

الاسلام والتعايش مع اليهود ومابينهما من مشتركات

الاسلام والتعايش مع اليهود ومابينهما من مشتركات

بداية ارجوا قراءة الموضوع بجدية والتعمق به بلا انفعال لانه حقيقة جل مانحتاجه الان هو التعايش وفق المبادىء الانسانية السامية وعدم التنافر وخلق العداوات ليعيش العالم بهدوء وسلام اما ارائكم المحترمة فارجوا ان تكون جامعة لامفرقة .
القرآن الكريم يعتبر البشر متساوين من حيث الخلقة والمصدر وكلهم من آدم وحواء وإلههم هو الله سبحانه وتعالى. وقد جاءت آيات كثيرة فى ذلك منها (إنّ هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) وغيرها.
 
ثم اعتبر الأنبياء (عليهم السلام)على خط واحد وهدف واحد ومبادئ واحدة لأنها من مصدر واحد هو الله تعالى فقد قال سبحانه (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان…) وغيرها.
 
وقد كان إبراهيم (عليه السلام)أبا للديانات الثلاث اليهودية أولا ثم المسيحية بعدها زمانا ثم لاحقا الإسلام ومن إبراهيم جاء ولداه إسحق وإسماعيل (عليهما السلام)ليكون اليهود والعرب أولاد عم رحما وقربى. قال تعالى (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لانفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون) وباعتبار أنهم انبياء ورسل من عنده سبحانه فهو لايفرّق بين أحد منهم وفق النص القرآنى الأخير.
 
لاشك أن المشتركات كثيرة جدا بين الإسلام واليهودية ومن هنا تجد المشتركات فى التشريعات والمبادئ والقيم مثلا تحريم قتل النفس البريئة فقد جاء فى القرآن (كتبنا على بنى إسرائيل أنّه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنّما قتل الناس جميعا) وقد ربطها فى القرآن بتحريمه السابق على بنى إسرائيل فى التوراة.

وقد تشابهت القصص الكثيرة بين التوراة والقرآن منها قصة الخلق الأول من الطين (إذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشرا من طين). قصة آدم وحواء ومعها قصة الشيطان والنزول إلى الأرض (وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين. وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ماورى عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكم عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إنى لكما لمن الناصحين. فدلّهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربّهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إنّ الشيطان لكما عدوّ مبين. قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين. قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين. قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون. يابنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم وريشا…) وهكذا كانت الخطيئة الأولى كما فى القرآن (وعصى آدم ربه فغوى) وكان نزول آدم وحواء إلى الأرض (قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو). وكانت الخطيئة الثانية فى ابنيهما قابيل وهابيل حتى يقتل الأخ أخاه (فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين) وهذه جريمة القتل لتكون لونا من الفساد العظيم الذى قاله الملائكة كما حكى القرآن ذلك (وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة. قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) وكأن الملائكة يعرضون أنفسهم بدلاء عن الناس لأنهم لايعصون الله ما أمرهم كما جاء فى القرآن فى آيات أخرى.
 
كذلك قصة نوح (عليه السلام)والسفينة حيث جاء فى القرآن الكريم (وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون. واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولاتخاطبنى فى الذين ظلموا إنهم مغرقون. ويصنع الفلك وكلما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون. فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم)

كذلك قصة إبراهيم (عليه السلام)كما جاء فى القرآن (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين. فلما جنّ عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربى فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأى قمرا بازغا قال هذا ربى فلما أفل قال لئن لم يهدنى ربى لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربى هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إنى برئ مما تشركون. إنى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) وقصة مولد إسماعيل (عليه السلام)من هاجر وهجرتها وقصة مولد إسحق من سارة وكذلك قصة محاولة الذبح لولده ثم فداؤه وغيرها
 
وقصص لوط وسليمان ويعقوب وداود ويوسف (عليهم السلام)وغيرهم
 
القرآن الكريم يعتبر اليهود من أهل الكتاب كما يعتبر نبيهم موسى (عليه السلام)من أنبياء الله ورسله وأولى العزم حيث أنزل عليه التوراة ويطلق عليه لقب كليم الله (وكلّم الله موسى تكليما) وهذا لقب اختص به موسى (عليه السلام)فى الأحاديث النبوية والقرآن.
 
وقد جاء ذكر التوراة مرارا وتكرارا فى القرآن حتى وصفها بأنها نور وهداية للناس، والآية القرآنية (ٌقل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس) وغيرها من الأوصاف الرائعة حيث اعتبر القرآن تصديقا وامتدادا طبيعيا من روح التوراة ومبادئها.

وقد جاء مدح بنى إسرائيل بإعطائهم الحكم والكتاب السماوى والنبوة ورزقهم من الطيبات وغيرها وتفضيلهم مرارا فى القرآن مثل الآية القرآنية (ولقد آتينا بنى إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضّلناهم على العالمين) كما ورد تفضيلهم على العالمين والناس جميعا فى آيات أخرى عديدة فى القرآن الكريم مثل (وفضلناهم على العالمين) حيث جاءت أكثر من مرة فى آيات القرآن بهذا النص الصريح والواضح، حتى حار المفسّرون وأصحاب المذاهب الإسلامية المختلفة فى قصة تفضيل بنى إسرائيل على العالمين والناس جميعا ومحاولات تأويلها وتفسيرها رغم أنه نص صريح واضح فى القرآن لاغبار عليه ولايمكن لهم التشكيك فى النص القرآنى لكنهم يتجنّبون ذكره والحديث عنه وجاء القرآن على مدح اليهود مرارا ومنها (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) وغير ذلك من الآيات المعروفة
 
إعتبر القرآن اليهود من أهل الكتاب الذى تجمعنا معه المشتركات الكثيرة والتى تجعلها أساسا لحوار بنّاء فى المشتركات حتى قال تعالى (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) وغيرها من الآيات المعروفة لأنها ديانات إبراهيمية ذات أصل واحد ومبادئ واحدة من إله واحد ومصدر واحد كما جاء فى القرآن (قل كلّ من عند الله) (لانفرّق بين أحد منهم) فلا يعقل التناقض بينها.

وقد أطلق القرآن لفظ الإسلام على الديانات الإبراهيمية حتى سمّى النبى ابراهيم (عليه السلام)مسلما وفق النص القرآنى وهى تعنى أن يسلم لله تعالى حيث كان الأنبياء جميعا يسلمون لله تعالى.
 
وقد سأل بعض الصحابة النبى (صلى الله عليه واله وسلم )عن مصير اليهود والنصارى والصابئة وهل يدخلون الجنة فانتظر الوحى لينزل صريحا واضحا لالبس فيه بقوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون) وقد نزلت غير مرة فى القرآن ليثبت تعالى أن العمل الصالح والمشتركات تجعل اليهود فى منزلة عالية فى الجنة (لاخوف عليهم ولا هم يحزنون) وهو ما أثبته النبى (صلى الله عليه واله وسلم)نفسه عمليا فى قصة المعراج عند زيارته الجنة ورؤيته مجموعة من اليهود خالدين فى الجنة لأن أعمالهم كانت صالحة

جاء فى القرآن (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة) وجاء فى سفر أرميا (سلام البلد الذى أوعزت بنقلكم إلبه أسرى وصلّوا إلى الله من أجله ففى سلامه سلام لكم) وعلينا نشر ثقافة السلام والعايش والمحبة والبناء والتواصل والتفاهم والحوار فهى خير من ثقافة الكراهية والبغضاء والعداوة والإنتقام لأن الدين جاء رحمة للناس كلهم وقد لخّص الله رسالة نبيه قائلا (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ولم يقل للمسلمين خاصة بل للعالمين جميعا ليكون الدين رحمة ومحبة فى التعايش والتراحم والتآلف والإنسانية.