22 نوفمبر، 2024 3:07 م
Search
Close this search box.

الاسلام دين الحرية والعدالة والمساواة

الاسلام دين الحرية والعدالة والمساواة

نعم، هو كذلك رغم أنف الوهم وأصحابه الذين لطالما أستعملوه سلاحا ووسيلة لإنكار الحق والحقيقة….
وليس غريبا أن يتحول الوهم إلى قضية يعتقد بها الكثير نتيجة للإعلام المضلل الذي يتفنن في أساليب الإقناع!
ولكن هيهات أن يفلح الوهم والكذب فإن شمس الحقيقة لن يحجبها شيء مادام العقل يفكر والقلب يبصر…
((…لم يكن من الممكن أن يبيح الإسلام الحرية المطلقة الخارجة من كل قيد وشرط ، لما يترتب عليها من التفسخ والفساد واضمحلال الأخلاق واعتداء الإنسان على الإنسان ، كما إن سائر القوانين لم تجز هذه الحرية بمعناها المطلق ، بل وضعتها في حدود معينة مستقاة من وجهة نظرها وفلسفتها الخاصة .
وإذا كان لابد من تقييد الحرية المطلقة لأجل حفظ النظام واستتباب الأمن وسيادة القانون. فالمشرع الحاذق هو الذي يضع الحدود عليها بأحسن شكل، يمكن به تجنب مساويها، وليس هو المشرع الذي يضع أقل كمية من الحدود ، وكذلك فعل الإسلام في تشريعه الحكيم لمجتمعات العالم كافة.
فالإسلام ذلك الدين القيم الذي انزل على البشر ليخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى الصراط المستقيم. قد وضع الحدود على الحرية بشكل يمنع الإنسان من الفساد، وينزهه عن الموبقات، ويسمو به في درجات العدالة والكمال. فهو إنما يبيحها في حدود من تعاليمه الدينية والواجبات الأخلاقية، وعدم الاعتداء على حقوق الآخرين.)) [ المصدر نظرات إسلامية في إعلان حقوق الانسان للسيد محمد الصدر]
إن الحرية الحقيقية لا يمكن الظفر بها إلا بالعبودية الخالصة المتمحضة للمطلق الحق جلَّ وعلا، لأن الإنسان وسائر المخلوقات مهما عظمت فهي محدودة ونسبية وليست مطلقة…
ونسبة النسبي المتناهي إلى المطلق اللامتناهي هي صفر..
إن سير الإنسان نحو المطلق الحق تعالى سيؤدي بالإنسان إلى رفض كل الأصنام التي تريد أن تستعبده،
فالقرب المعنوي من المطلق الحق هو التحرر الكامل من عبودية المخلوق…
ومن هنا يكتسب الدين الحق الأهمية الحضارية في حياة البشرية لإنه يمثل سنة تأريخية لا يمكن للإنسان أن يتحداها على المدى الطويل..
وليس الدين مجرد تشريع يطيعه البعض ويكفر به البعض كما يتوهم الكثير…
إن تحدي الإنسان للسنة التأريخية سوف يؤدي إلى اندحار المتحدي نفسه!!
((…أما بالنسبة إلى مبدأ تساوي المواطنين بالحقوق والواجبات فهو مما أكد عليه الإسلام ونزل به القرآن، قال الله: عز وجل في كتابه الحكيم مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً* وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (3) فالمواطنون سواسية أما القانون الإسلامي الخالد، يجزي كلا منهم بإحسانه إحساناً وبذنوبه عقابا من دون تمييز ولا تفضيل.
بل إن الإسلام بنظره الثاقب وعدالته المستقيمة ليذهب في المساواة إلى ابعد من ذلك. فالحاكم كما يجب أن يطبق القانون على المواطنين بالسوية وبدون أي تمييز، فانه أيضاً يجب عليه أن يخضع نفسه وخاصة أهله وأصدقائه، فضلا عن سائر معارفه ومتعلقيه، للقانون نفسه، فيخضع الظالم منهم للمظلوم من غيرهم، وإلا كان ظالماً مجحفاً بحق الآخرين. وذلك كما قال سيدن ومولانا أمير المؤمنين وسيد الوصيين (عليه الصلاة والسلام) في عهده لمالك الأشتر النخعي عندما ولاه مصر:
أٍنصِف النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ وَمِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ وَمِنْ لَكَ فِيهِ هَوَّى مِنْ رَعِيَّتِكَ، فَإِنَّكَ أَلّا تَفْعَلْ تَظْلْمْ، وَمَنْ ظَلَمْ عِبَادَ اللهِ كانَ اللهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبادِهِ، وَمَنْ خاصَمَهُ اللهُ أَدْحَضَ حُجَتَهُ، وَكانَ للهِ حَرْبَاً حَتَّى يَنْزِعَ أَو يَتوُبَ.
بل إن رئيس الدولة الإسلامية خاضع إلى قانون المساواة، أمام العدالة والمساواة في الحالة الاقتصادية، بل انه أولى من سائر الشعب بذلك وأجدر، لأنه مثل أعلى للشعب من ناحية فيجب أن يتعلموا منه الخصال الحميدة العالية، وهو من ناحية أخرى رئيس للدولة، فيجب أن يشعر مثل هذا الشخص بآمال وآلام شعبه، ويعيش حالته الاقتصادية كأقل فرد في الشعب لئلا ينسى حالة الفقراء والمعوزين والمظلومين، ولئلا تبطره النعمة فيستسلم إلى عالم الأحلام.
ولقد كان سيد الأوصياء أمير المؤمنين  مثلاً رائعاً في ذلك حين نراه يقول: وَلَو شِئتُ لَاهتَدًيْتُ الطَّرِيقَ ِإلَى مُصَّفى هَذَا الْعَسَلِ وَلُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ، وَنَسَائِجِ هَذَا الْقَزَّ. وَلَكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغلِبَني هَوَايَ وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيَّرِ الْأَطِعَمِة، وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْيَمَامَة مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرصِ، وًلَا عَهْدً لَهُ بِالشًّبًعِ، أًوْ أًبِيتَ مِبْطَاناً وَحَولِي بُطُونٌ غَرْثىً وًأًكْبًادٌ حًرًّى، أَو أَكُونً كَمًا قًالً الْقَائِلُ:
وًحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ وًحًولَكَ أَكبَادٌ تَحِنُّ إِلَى القَدِّ
أَأَقَنعُ مِنْ نًفسِي بأَن يُقَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلا أُشَارِكَهُمْ فِي مَكارِهِ اْلدَهِّرِ، أَو أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ اْلعَيْش ).
السلام عليك يا سيدي ومولاي يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، لقد ضربت بكلماتك السامية مثلاً إسلامياً رائعاً في العدالة والمساواة، وعرَّفت البشر كيف يجب أن يعيشوا، وكيف يجب أن يسلِكوا حتى يحيّوا متحابين متآلفين تسودهم العدالة، ويرفرف فوق رؤوسهم الرفاه والسلام. ))[نفس المصدر السابق]

أحدث المقالات