جراء تراجع دور الاحزاب والحركات القومية والاممية وعدم قدرتها على كسب قواعد شعبية او شبابية لادارة المرحلة الحالية وبالتالي انحصار دورها واعطاء الفرص للاحزاب والتيارات والحركات الاسلامية في بسط نفوذها على الشارع العراق وبلورة افكار جديدة من خلال المشاركة في الانتخابات والحصول على اصوات متحكمة اضحت ارقاماً صعبة في تشكيل الحكومات . وازاء هذه المستجدات على الساحة العراقية برزت افكار الانبعاث الاسلامي الجديد بشقيها المتشدد والمعتدل ، واتخذت اشكالاً متعددة للتعبير عن نفسها تحت مسميات مختلفة والبعض الاخر منها لم يُعلن صراحة توجهاته الفكرية ريثما يثبت انه قادر على ادارة مشروعه السياسي في بناء الدولة ، فضلاً عن خوفه من التحالفات السياسية ضده وبالتالي فقدان مقاعده وعدم المشاركة في تشكيل الحكومة الاتحادية او الحكومات المحلية . وفي ظل تصاعد وتيرة التنافس بين هذه التيارات يُطرح السؤال التالي ، هل ان هذه الاحزاب قادرة على ادارة الدولة المدنية ام تحويلها الى مؤسسة دينية تابعة لمرشد الجماعة كما حدث في مصر عند تسلم الاخوان المسلمون الدولة وفشلوا حتى في ادارة مكاتبهم فكيف يمكن لهم اقامة دولة مدنية تعيش الطوائف بحرية في اداء طقوسها دون مضايقة او منع ؟. وهل نحن اليوم بحاجة الى الاسلام السياسي المتمثل باحزابه وتياراته الاسلامية ؟ وهل تم استيعاب تجارب الاحزاب الاسلامية كما في حكومة تركيا التي تخشى ان يتم حل حزب العدالة والتنمية الاخواني ؟ . اعتقد ان الحاجة ليس لسد الفراغ الايديولوجي ومنافسة الاحزاب القومية والاممية ، بعدما كان عقد التسعينيات من القرن المنصرم هزيمة واقعية للاحزاب الاممية والقومية لا سيما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق وتهاوي اعتى الانظمة القومية في العالم العربي ، فكان المد الاسلامي في العراق و دول عربية عديدة سبباً لتبوأ حركات اسلامية السلطة جراء فوزها في الانتخابات . لذا اعتقد ان الاحزاب الاسلامية في العراق استوعبت التجربة السياسية ، فضلاً عن طبيعة البيئة الاجتماعية والسياسية والدينية الخاصة بالشعب العراقي وبالتالي كانت قادرة على التعامل مع الواقع والنجاح للمساهمة في العملية السياسية بالرغم من الاخطاء التي وقعت فيها وطمأنة الشارع العراقي ان فشل تجربة الاخوان في مصر لا يعني انهزام وسقوط للاسلام السياسي . وبالتالي ينبغي عليها وضع خطوط عريضة لممارسة دورها التنويري بعيداً عن الطائفية والتشدد والعمل جنباً الى جنب مع الاحزاب السياسية الاخرى مستفيدةً من كونها تحمل رسالة وطنية انسانية نهضوية و مشروعاً معتدلاً لبناء دولة المؤسسات لتتلائم مع التحول الديمقراطي للعراق ليكون عامل استقطاب لكل شرائح المجتمع السياسي .