23 ديسمبر، 2024 7:13 م

الاسلام البدوي الخطر وابادة الدين الحنيف

الاسلام البدوي الخطر وابادة الدين الحنيف

لعل ابن خلدون اول من مهد في مقدمته الى تقسيم المجتمعات ، ليحقق مراده في دراسة مراحل المجتمعات العربية في زمانه. ونظام الزمن وتقادمه واسلوب التطور قد حان تغيير تلك المفاهيم كثيرا..و كذلك فرضية الانسان العربي بدأ بدويا ثم اصبح قرويا مستقرا ثم المرحلة النهائية يكون مدنيا هذا كلام بات في ثنايا اوراق الدارسين القدماء قبل التفكير في مجالات اوسع ..لعل هذه المفاهيم أُدركت انها من الاساطير.. وفي دراستنا التي قدمت عام 1995 من القرن الماضي هي من متطلبات درجة الماجستير {{الشعر العربي مصدرا لكتابة تاريخ العرب الاجتماعي قبل الاسلام}}..حققنا فيها ان الشعر القديم قبل الاسلام هو الوثيقة المأمولة والاكثر صدقا في دراسة تاريخ مجتمع قبل الاسلام .. كانت دراسة متميزة بالحقائق والجهد والمثابرة لتحليل تلك المعطيات في الظرفين المكاني والزماني ,وان من الدارسين للعصر الذي سبق الاسلام تعدى او سلم بنمطية من سبقه في هذه التقسيمات البنائية للمجتمع ومراحلها التي تبدأ من البادية والقرية والمدينة ..كانها السلم التدريجي لتقدمه الحضاري مع تناسي عنصر البيئة والطبيعة التي تتمتع بها الارض العربية. فاثبتنا حياة الانسان العربي في ثلاث مجتمعات او بيئات في زمن واحد والمكان متغير لحاجة الانسان عندما يبحث عن فرص عمل او تعلم ..وسقنا الحقائق التي تعزز رأينا في البحث. ..ثم انتقلنا الى نفي بعض العبارات التي لصقت بالمجتمع البدوي مثل{{ عزوف وانفة الفرد البدوي عن المهن التي يمتهنها ابن القرية او المدينة}}بحجة ان البدوي يأنفها وحياته مقرونة بالحرية وحياة الابل هي الطابع الرئيس لصفاته.وقمنا بدورنا الى تعرية هذه الاوصاف …ولعل من الدارسين اراد بعضهم بلورة فكرة البداوة هي البناء الاول والمحطة التي شرع منها, وسلم بها كما اسلفنا, او زلة بحثية استشراقية {تطابقية } اثناء دراستهم السابقة في تكوين المجتمعات الاروربية ونقل استنتاجاتهم للمجتمعات الاخرى . وثبت لنا بعد الدراسة والتحليل ان المجتمعات الثلاثة موجودة قبل الاسلام الى عصر ظهور الاسلام هي نفسها في عصرنا الحالي.. رغم خصوصية التميز لكل بيئة لها ضرفها المعاشي والحياتي {الاجتماعي}.بدليل وجودها الان مجتمعات حية ترزق. وتعرضنا في بحثنا عن اصول واعراق هذه المجتمعات الثلاثة فوجدنا تردح عمقا في الانساب والاصول العربية و تاريخ المجتمعات القديمة.. بدلالة حفظهم لانسابهم كما يحفظ المال عند صاحبه وبلغ النسب مبلغا عندهم بما لايسع المقام ذكره الان..حتى اشتهر علما..ومن مارسه فهو نسابة قومه. فيما لو سلمنا ان اول من عرف الانسان العربي حياة البداوة ثم اكتشف القرية وعاش حياتها وبعدها وجد المدينة فاستقر بها..لانتهت البداوة والقرى وبقيت المدينة لوحدها ..وعليه بنينا حقيقة ثابتة في تعزيز وجود هذه المجتمعات الثلاثة في كل العصور المتعاقبة.. واثبتنا ان هناك خصائص مشتركة مجتمعية تتوافق وتتشابه بين هذه المجتمعات واخرى غير مشتركة تختلف على الاطلاق .. وهي موضوع مقالنا..والبقية في الجزئ التالي. ـ 2 ـ قدمنا في الجزء السابق واوضحنا سلفا ان المجتمعات الحياتية على ارض جزيرة العرب هي نفسها في حياتنا الحاضرة {البادية والقرية والمدينة} وهي بيئات ثلاثة وبينا وجودها حسب اختيارها لتلك الاراضي البيئية وحبا في عيشها.. لعلنا نرصد لكم التطور الفكري والتطور الحضاري لهذه المجتمعات في {البادية والقرية والمدينة} ولنبدأ: الريف والمدينة: يعد مجتمع الريف و المدينة واحدا ، حيث ان المدينة في ذلك العصر داخل الريف او الريف ملازم لها ، و يختلف تماما عن المجتمع البدوي لاسباب منها؛ الاستقرار والعمل وايجاد فرصة للحياة المرفهة ذات الطابع الرتابي والقابل للتطور المعرفي في اسلوب الحياة العامة وحب التطلع الى الانظمة والقوانيين من اجل الحفاظ على مدنيتهم استجابة للبناء الحضاري في الاقتصاد والسيادة والدفاع عن معتقداتهم الموروثة باسلوب فكري واقعي وكذلك حفاظهم على منجزاتهم القيمية واخلاقهم وعاداتهم واحترامهم وتقديسهم لنسبهم الذي يمثل وجودهم واصالتهم فهم رغم ذلك مجتمع مدني منفتح على العالم المحيط بهم من المدن والامصار القريبة والبعيدة.. ويبدو ان مهنة التجارة من ابرز سمات هذا المجتمع ولها الاثر البالغ في سماع اخبار العالم البسيط المحيط بهم في زمن قد سبق الاسلام ب100 او 200سنة.. وعهدت التجارة فيمابعد نقل اخبار الامم والملوك والقبائل والامراء والقوانين,ونقل اسلوب بناء الدور والقصور والتعرف على لغات الامم المجاورة وتطورها في الجوانب العلمية والثقافية واساليب الحياة المتجددة.. ومن انجازات المدينة ، اسلوب الحكم والسلطة ومجلس القوم واقامة الاحلاف للحفاظ على الامن والاستقرار..وهناك الملاء الذي يمثل اعيان القوم وكذلك السفراء والشعراء الذين بدورهم يمثلون الجانب الاعلامي في عصرنا الحاضر!!. اذن صح القول هنا ان المجتكع المدني العربي اول من اختط الدولة المدنية في تاريخ المجتمعات القديمة.. وفي المدينة الانجازات العلمية والفكرية بسبب استقرارها وثباتها في بيئتها مع توفر مستلزمات الاستقرار فتطور الجانب الفكري و الديني والاعتقادي الا في المجتمعات المدنية والمستقرة . واسهمت اللغة بانجازات لايستوعبها قرطاس والكتابة والادب والابداعات الفكرية والفلسفة والرياضيات والفلك وعلم النسب الذي تطور لديهم حيث يتعرفون على الفرد من سجاياه وينسبونه لقبيلته .وكذلك علم الاثر .{انظر بلوغ الارب في معرفة احوال العرب للعلامه شكري الالوسي تحقيق بهجت الاثري}. اذن كان المجتمع المدني في عصر قد سبق الاسلام مجتمع متطور وصعب مناله ولايمكن نعته بالمجتمع البدائي او المتخلف. هذا المجتمع الذي عرف ارقى انواع العطور الهندية والرومانية البيزنطية القديمة وانواع الاوشحة والاقمشة الحريرية وخياطتها وعرف ان الجود والكرم هو مبلغ لايصله احدا غيرهم .. الصادرات كانت صادرات هذا المجتمع كل ما ينتجه الريف والمدينة من المحاصيل والحيوانات والصناعات المحلية من اثاث البيت ومواد ساحة القتال.. الواردات\كل ماتنتجه البادية من الجمال والخيول والماعز والفرش ..كذلك كان البدوي ياخذ ما يحتاجه من مما تصدره المدينة وريفها من محاصيل واواني وسلاح واعمدة الخيام والمنسوجات الرقيقة والزينة والعطور الذي كا يقوم بها البدوي ببيعها في باديته ..مرة اخرى. المرأة: كان للمراءة في الريف والمدينة دورها الكريم ولها منزلة مقدسة لانها ام ابنائم وام ملوكهم وام سجاياهم والمرأة لايمكن ان تدنس لانها مبتغى شرفهم وعفتهم وهي ازكى مما تلوث بشئ ..ولذلك وجدنا حشمتها خوفا من العار وجلوسها ببيتها خوفا من التشهير وقد نجدها في ساحات القتال تولب ابناءها او نجدها ملكة وسيدة قومها ..ومن شرف منزلتها كانو اذا ارادو الزواج منها تشترط ان تكون العصمة بيدها وهي التي تسمي ابناءها..او نجد لمكانتها المجتمية هي التي تختار زوجها وتخطب لنفسها!! { انظر السيرة لابن هشام وكتاب االاغاني وانظر قصة زواج الرسول محمد ص من السيدة خديجة الذي تزوجها قبل الاسلام } الكتابة\ كانت مهنة التجار ة مقترنة بالكتابة والحساب وعلى التجار تعلمها ..فكانت حلقات التعلم في ارض العراق من الجزيرة العربية وقد اختص بها قبيلة اياد دون غيرهم ..لعل اجداد الرسول ص جلهم من التجار وهو من عائلة تمتهن التجارة وهم اربعة واحد توفي في غزة والثاني توفي في ارض العراق سفوان والثالث والرابع في مكة وحجازها.. اذن الرسول لن ياتي من فراغ حضاري وعليه اخذ التعبد في كيفية اصلاح هذا المجتمع المدني الصعب الذي كان قد تعرف على دين ابراهيم وموسى وعيسى وكيف الصلاة والحج وكان لهذا المجتمع نوابغ في الشعر والسجع والخطابة وفنونها والبلاغة ودهاتها وفنون الحرب مكائد وابطالها ..كان مجتمع عنيفا في علمه وبلاغته وخطاباته وشعره وحكمه ووصاياه وكرمه وشدة بأسه ..ليس بالسهل اقتحامه الابمعجزة ربانية نعم معجزة الرسول الاعظم القران الكريم الذي لايجرئ احد مهما بلغ من عز وقوة ان حدثهم بتاريخهم العتيد الا القران والرسول الاعظم ص.. القران مدنيا: وهنا بيت القصيد ..كان البدو لايتقبلوا اي دعوة تغير نمط حياتهم ولايتقبلواان تغزوهم افكار المدنية باديتهم ابدا..لان البدو سيفقد سيطرته على مايملك من زوجات ,, قد تجاوزن الاربعين او الخمسين واولاد يعدهم عماد قوته وسر رزقه فالبدوي يؤمن بشانه العظيم كونه سلطان في باديته يامر فيها ويطلب مايشاء والجميع خدما له ..رغما عن اصولهم واحسابهم العربية القحة..لكن نمط حياة البدوي هي طريقة مختلفة كما اشرنا ..فهو يانف حياة الريف والمدينة لانها حياة فكرية تفسد عليه سلطانه وعقيدة تغير مساره النزق وهي عملية انقلابية للمجتمع البدوي وشكلت المهارة والمهنة صعوبة بما لاتنسجم وربوبيته.. ومن نزقهم في ذلك العصر حربهم على اقرب الناس لهم اما بسبب بركة ماء اوعشب ..والحسد يعيش في ثنايا خيامهم !!ويعدونه نوع من القوة والفروسية والكبرياء والصبر في تحقيق مكائده وعليه فالبدوي اول من يرهن مستقبله للطبيعة ومستسلم لها على عكس نظيره المتمدن
ونسأل : الم تكن مهارة الصيد وبيع الجلود والفراء لاهل البادية عملا ؟التي يأنفها البدوي كما ذكره المستشرقون واللاحقون بهم والبدوي يمارسها اصلا ؟..الم تكن تربية الابل والخيل مهنة عد البدوي؟ ثم بيعه الناتج في اسواق المدينة من الحيوانات التي مصدرها البادية اصلا.. البدو مجتمع لايسوده قانون محدد او يؤمن بنظام يخضع له او سلطان يجبره ..فهم يسنون القوانين وهم الذي يلغونها .. ومن نزقهم يسترزقون على اهل التجارة والتجار من اهل المدن بحجة حماية تجارتهم حين تمر القوافل باراضيهم..وكانو يجبرون التجار في دفع الاتاوات والا تعرضت القوافل للسرقة والقتل.. وكانت هذه طريقتهم حتى العصور الاسلامية الزاهرة ..وان قرروا اهل المدن وحكامهم محاربتهم لن يستطيعوا لانهم يهيمون في غياهب البوادي القافرة.. وكان من البدو يعمل تحت امرة المترفين واهل الامصار في الاغارة والقتل والمتابعة وذلك يعدها البدوي القوة والرجولة كما هي بعض الجماعات تعد السلب والنهب رجولة في عصرنا الحالي ..او يجدون من خدمة الزوجة لزوجها ان تعمل وتاتي بالنقود لزوجها هذا شرف كبير.. ها هم الاعراب\الذي وصفهم القران الكريم ورسوله المصطفى اليوم يعيد هؤلاء الجولة ثانية في عصر بلغ اشده في الصراعات المذهبية والطائفية ليكونوا مصدرا جديدا وكبيرا لرزقهم الذي انقطع عنهم بتطور المجتمعات المدنية من الاتاوات وسرقة التجارة ..ولظرف البادية القاسي من شحة الماء والكلاء والحيوان ..فاختاروا الدين الحنيف لجعله بدائيا بدويا حسب افكارهم الجوفاء ليتقاطع واهل المدينة وتشكيكهم فيه لدرجة الدجل والشعوذة بلا منطق مدني ولاحضارة .ويشيعون ان الرسول ص كان بدويا في منهجه وثقافته.ليبلغوا سيطرتهم على المجتمعات المدنية بحجج الفتاوى والارشادات الخارجة عن الذوق العام.وهو صنع المتربصين من اهل المدينة المتعلمين الذين اصبحوا منفذين لارهاب المدن وقتلهم بعد الافتاء بتكفيرهم ..ايها الاخوة هذه دعوة للمثقفين الذين غادرتهم فكرة ان الاسلام دين مدني وليس بدويا بدائيا واملين من القائمين لمسح جميع البوادي من الناحية التدقيقية والاحترازية لان الافاعي والوحوش لاتعيش في الريف والمدينة بل في البوادي القافرة..وهذا ديدنهم كما هو حال عصاة الجبال..

* كاتب وباحث عراقي ـ طالب دكتوراه رسالة الماجستير الشعر العربي مصدرا لكتابة تاريخ العرب الاجتماعي قبل الاسلام