معظم المتابعين يتذكرون فضيحة بارتي كيت التي تورط بها رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون والتي انتهت باستقالته من رئاسة الحكومة في تموز ٢٠٢٢، إلا أن قبل تقديم جونسون استقالته تعرضت حكومته إلى جملة من الاستقالات العاجلة والمتتالية فور انتشار الفضيحة، ولم تتوقف الاستقالات عند هذا الحد، بل إن أعضاء في حزب المحافظين البريطاني أيضا قدموا استقالاتهم من الحزب اعتراضا على سلوك جونسون في عدم الالتزام بقيود حظر التواصل الاجتماعي خلال فترة انتشار الوباء. في المجتمعات الديمقراطية التي تتصدر عنها نخبة سياسية تمارس السياسة بقيم وأخلاقيات عليا؛ تمثل تلك الاستقالات تبرئة للذات وحفظا للسمعة من أن تلوث بدنس الفضيحة.
قبل أسبوعين من اليوم قرأت خبراً في إحدى الصحف الأوروبية مفاده؛ أن رئيس الحكومة البرتغالية استقال إثر شبهات فساد وجهت لأحد الوزراء في حكومته فضلاً عن مدير مكتبه، وعند تقديم الاستقالة صرح بتصريح حكيم للصحفيين قال: “إن مهامي كرئيس للوزراء لا تتوافق مع أي شبهة تتعلق بنزاهتي”.
في الرابع عشر من نوفمبر الجاري صعق الوسط السياسي العراقي بقرار من المحكمة الاتحادية العليا عندما أصدرت حكمها بإبطال عضوية رئيس مجلس النواب إثر شبهاد تزوير؛ وما يثير الاستغراب أن هذا الحكم تبعته مجموعة من الاستقالات لوزراء ورؤساء لجان نيابية ينتمون لحزب السيد محمد الحلبوسي ، لكن لم تكن هذه الاستقالات كاستقالات وزراء حكومة جونسون أو أعضاء حزب المحافظين الذين سعوا في استقالاتهم لحفظ سمعتهم من أن تدنس بما اتهم به جونسون، بل على العكس من ذلك تماما، فكانت استقالات الوزراء ورؤساء اللجان النيابية بمثابة انتصار وتأييد لزعيم حزبهم الحلبوسي المشتبه بارتكابه جريمة تزوير، تخيل؟. والأكثر غرابة أن الوزراء الثلاثة المستقيلين كلهم جاؤوا من أوساط أكاديمية، إذ إن الوزراء الثلاثة يحملون لقب بروفيسور واثنين منهم شغلا منصب رئيس جامعة والثالث شغل منصب عميد في ثلاث كليات مختلفة.