منذ تفاقم العلاقات بين اربيل وبغداد في عام 2014 وبدء الازمة السياسية بين الجانبين بسبب تهميش الكورد وابعادهم عن المناصب المختلفة بذرائع متعددة ، وفي خطوة توحي انها مشتركة وممنهجة ومنسقة بين كتلة حزب الدعوة الاسلامية جناح المالكي و حركة التغيير والجماعة الاسلامية وبعض الاشخاص من كتل اخرى ، وبهدف شن حملة دعائية ضد الحزب الديمقراطي الكوردستاني واستمرار الخلافات الكوردية الكوردية التي تسعى لها جهات محلية كوردية وبمساعدة طرف اقليمي ، تم الترويج له بوساطة وسائل الاعلام على انتهاء الولاية الرئاسية للسيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان.
وبتنسيق مشترك بين ماكنات الاعلام المضادة للحزب الديمقراطي الكوردستاني ، تم استثمار ساعات عديدة من البرامج الحوارية والسياسية وفي نشرات الاخبار والتقارير والتركيز على ما سمي بانتهاء ولاية الرئيس مسعود بارزاني وتمسكه بالسلطة وعدم استعداده لتداولها بشكل سلمي وديمقراطي.
وفي تلك المدة والى ساعة تفعيل البرلمان الكوردستاني قبل اجراء الاستفتاء بايام اكد السيد مسعود بارزاني ولمرات عديدة للقوى السياسية الكوردستانية المعارضة وعبر تصريحات ولقاءات مع وسائل الاعلام استعداده للتخلي عن منصبه في حال ترشيح شخص اخر مكانه للحيلولة من عدم خلق فراغ دستوري ، الا ان تلك الاحزاب لم يكن بامكانها تلبية طلب بارزاني وعجزت عن ترشيح شخص من قياداتها او خارجها لانهاء الجدل بشأن انتهاء ولاية بارزاني من عدمها.
الاستفتاء بحد ذاته يعد عملية ديمقراطية ومشروعة ومتحضرة ، الغرض منه تفويض القيادة من الشعب لأتخاذ القرارات المختلفة وبالاخص المصيرية منها.
وقد قال الشعب الكوردستاني كلمته في الاستفتاء الذي جرى في الخامس والعشرين من ايلول الماضي بشأن تقرير مصيره واستقلاله عن العراق وفوض القيادة السياسية الكوردية للمضي قدما من اجل تشكيل كيان مستقل لجميع المكونات القومية والدينية التي تتعايش مع الشعب الكوردي منذ الاف السنين من الاخوة العرب والتركمان والمسيحيين والشبك والكاكائيين وغيرهم، لكن بأعتقادي ، الاستفتاء لم يكن لتقرير المصير وحده فحسب ، بل كان ايضا استفتاء شعبياً لأستمرار بارزاني في منصبه رئيسا للاقليم بوصفه راعياً وحاملاً للواء الاستقلال الى جانب قيادات الاحزاب الكوردستانية الاخرى عبر عملية الاستفتاء ، بالرغم من ان سيادته وجه رسالة واضحة وصريحة عبر وسائل الاعلام للشعب الكوردستاني وبالاخص لقيادات الاحزاب الكوردستانية انه لن يرشح نفسه ولا احد من اعضاء عائلته في الانتخابات المقبلة لرئاسة الاقليم وذلك لفسح المجال امام الاخرين لتسلم تلك المسؤولية الشاقة و تكملة المشوار والسعي من اجل تحقيق الاهداف الستراتيجية التي حددها الشعب الكوردستاني في عملية الاستفتاء. ان تصويت 92.73% من الشعب الكوردستاني بنعم للاستقلال الذي كانت شخصية بارزاني الكارزمية وراءه ولاسيما عند ترؤسه المجلس الاعلى للاستفتاء ، كان بمثابة صفعة قوية لجميع من اتخذ ما سمي بانتهاء ولاية بارزاني مادة اعلامية بائسة في المرحلة الماضية واثبت زور ادعاءاتهم واتضح ان الرئيس مسعود بارزاني لايزال يحظى بشعبية كبيرة بين الشعب الكوردستاني وليس متعطشا للمناصب بل يرى المنصب مسؤولية قومية عالية لتحقيق طموحات الشعب الكوردستاني ولو اراد ان يرشح نفسه لمرات اخرى فسينال ثقة الناخب الكوردستاني الذي لم تعد تنطلي عليه الخدع والالاعيب السياسية الضحلة.