23 ديسمبر، 2024 1:35 ص

الاستاذ يؤكد على ضرورة الحوار الأسلامي والتمدن الاخلاقي

الاستاذ يؤكد على ضرورة الحوار الأسلامي والتمدن الاخلاقي

هناك مقولة طالما سمعناها ورددناها وخصوصا بعد ان ندخل في نقاش وحوار مع طرف اخر، وهي “الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”، فياترى هل صحيح ان هذا الاختلاف يجعلنا نود الاخر او نحترم رأيه ونعامله بسلوك سوي ؟.
قبل عدة ايام كنت اناقش احد اصدقائي العرب وهو من المذهب السني وله عدة اعتراضات على افكار المذهب الشيعي، حيث راح بطرح الشبهات والافتراءات التي سطرتها بعض الكتب الطائفية التفريقية التي اساءت للاسلام قبل ان تسيء لهذا المذهب او ذاك، حاولت بكل هدوء ان اوضح له ان كل تلك الافكار هي مجرد اكاذيب او سوء فهم او قلة اطلاع من قبلكم على حقيقة الفكر الجعفري الشيعي، فليس من المعقول يا اخي في الدين ان تتهمني بعبادة القبور وانا بريء من هذا الاتهام ، فنحن نزور القبور التزاما منا بحديث رسولنا الكريم ودعوته لزيارة القبور ، وافهمته ان النبي – عليه وآله افضل الصلاة والسلام – بنفسه كان يزور القبور وضربت له مثلا زيارته لقبور شهداء احد رضوان الله تعالى عليهم، ألا تعني لك سنة من السنن الواجب اتباعها ؟
فحاول ان يعطيني اراء بعض علماءه حول حرمة زيارة القبور ومنها آراء ابن تيمية حيث قال لي ان ” شيخ الاسلام ابن تيمية قال في مجموع الفتاوى ردا على سؤال حول زيارة القبور ” وأما الزيارة البدعية : فمن جنس زيارة اليهود والنصارى وأهل البدع الذين يتخذون قبور الأنبياء والصالحين مساجد ” وانتم الشيعة تتخذون قبور ائمتكم مساجد فتصلون بها وتمارسون العبادة وهو امر محرم .
فاجبته ان قبر الرسول الكريم في مسجده والصلاة تقام في ذلك المسجد، فلماذا لا تنكر هذا الشيء على عموم المسلمين ؟ ثم ان الله تعالى اكد على أنّ اهل الكهف تم بناء مسجد على قبورهم وقد أكد القرآن الكريم ذلك ، فلا اشكال ايها الاخ الصديق ببناء المساجد حول القبور ، علما اننا لا نصلي على القبر ولا نعبد صاحب القبر بل نصلي بجواره ونعبد الله عز وجل وصلاتنا لا تختلف شيئا عن صلاتكم .
ولكنني استغربت ان الرجل اخذ بسبي وشتمي والغى صداقتي وفارقني وانا متاسف جدا عليه .
ايها الأحبة اعلموا ان الاختلاف في الرأي والحوار والنقاش العقائدي العلمي الاخلاقي هو حالة صحية تثمر عن تبادل المعلومات ومعرفة اصل الاختلاف الفقهي او العقائدي العلمي وبالتالي تكسر قيود البعد والانحسار بين جميع ابناء هذه الأمة ، ونبتعد عن تكفير الاخر واخراجه من الملّة واستباحة دمه وعرضه كما حصل ويحصل اليوم بسبب الفتاوى المغرضة التي اجتاحت الامة والتي اثمرت الارهاب الداعشي التكفيري الذي تسبب في قتل الاف الابرياء من المسلمين في عموم بلداننا الاسلامية .
وبما ان الفكر لا يقرع إلا بالفكر فمن الواجب على كل مسلم ان يتصدى لهذا الفكر التكفيري من خلال كتابة البحوث والمقالات والقصص التي تكشف خطورة هذا الفكر ونتاجه الدموي ، وانا شخصيا اتبع النهج الاسلامي الوسطي المعتدل الذي تبناه المحقق الاستاذ السيد الصرخي الحسني في بحوثه العلمية التي ينقض بها تلك الافكار التكفيرية الهدامة، حيث يقول في احد بحوثه أن ” واقع الحال قد اثبت منذ الصدر الاول للاسلام الى يومنا هذا بان الناس تتعايش التعايش السلمي مع وجود الاختلافات والفروق في الفروع الفقهية والعقائدية والاصولية، لكن توجد خطوط دينية عامة عند الصوفية والشيعة والمعتزلة، وأننا عندما نحاكي التاريخ ونتحث معه لا ننساق وننقاد للنفس المريضة ونبحث عن هفوات وأخطاء ومواقف هنا وهناك مستغلين الجانب الطائفي للطعن والحقن والافتراء والدس، فاننا وبكل وضوح نقول بوجود الاختلاف، لكن المهم ان التعايش السلمي بين الصحابة كان موجودا وهذا كاف، ومن هنا فلا تنتظر مني ان انتقل واترك مذهبي، وأنا لا انتظر منك ان تترك مذهبك، لأنّني اعتقد بالحق واتمنى للجميع ان يصيب الحق، وأن يدخل الناس في مذهبي، لأنني اعتقد به أنّه حق، والمقابل يعتقد بهذا ايضا ويتمنى ذلك للجميع وله الأجر بما يتمنى كما لي الأجر فيما اتمنى، فلا تنتظر مني ان أترك مذهبي وآتي الى مذهبك وأدخل فيه، وتتعامل وتؤسس وتقف المواقف على هذا الأساس فلا يصح هذا ، ومن هنا تكمن ضرورة الحوار الأسلامي والتمدن الاخلاقي والمجادلة بالحسنى “.
وبهذا فان العقل والشرع والاسلام يحكم بحرية الفكر وحرية المعتقد واحترام العقل واتباع المنهج الوسطي المعتدل في النقاش والحوار من اجل اظهار خير أمة اخرجت للناس بابهى مظهر وانقاه وهو المظهر الانساني الرسالي .