23 ديسمبر، 2024 6:45 ص

الازمة تلزمنا مغادرة الريفية الادارية

الازمة تلزمنا مغادرة الريفية الادارية

ان الخروج من ألازمات والمعوقات وعوامل تجددها وادامتها التي بات النظام العراقي يسقط بسببها، مبنية على ادراك هذا النظام ان الشرط الاول لنجاحه يتعلق بتطبيق المفاهيم العصرية للادارة، ويكمن في استعداده الواعي، والتزامه الحازم، لطرد وإزاحة كل المظاهر الريفيه من نظامه الاداري لجميع قطاعات الخدمة ، والتوجه الفعال صوب امتلاكه للمعلومات والبيانات عبر تطبيق آلياتها التكنولوجية وفق الامكانيات المتاحة.

ونقصد بالريفية هنا : عدم احترام قيمة الوقت، الفردية، والاستسلام أو الرضوخ لسيطرة المسؤولين في التراتبية الاجتماعية التقليدية، إلى جانب القدرية والعفوية، الاسترخاء الفكري، المبالغة في التهوين والتهويل، العشوائية في التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم، والمزاجية في اتخاذ القرارات، والاعتماد بصفة أساسية على الذاكرة في حفظ وتسجيل واستدعاء المعلومات.

وفي هذا السياق ، يؤكد على أن استمرار ظاهرة “ريفية الإدارة” في المؤسسات ستؤدي إلى المزيد من تشوه مفاهيم النظام الداخلي : المركزية – اللامركزية ، النقد والنقد الذاتي، الالتزام، عدم التوازن بين الحقوق والواجبات، إلى جانب تشويه المفاهيم السياسية والفكرية الأخرى، العدالة الاجتماعية ، الديمقراطية والتنوير، والتقدم، احترام العقل والعلم.

لذلك يتوجب أن تعمل بكل مسؤولية واخلاص ، عبر الاسس والهيئات التنظيمية، على مواجهة هذه التشوهات السائدة في المؤسسات، بكل انواعها وتفرعاتها ، ومن اهمها :

1. بناء الهيكل التنظيمي.

2. الرقابة المجتمعية لتقويم عمل الحكومة .

3. التخطيط بالمشاركة

– حول مواجهة التخلف الإداري أو الريفية السائدة في النظام الاداري :-

أن معظم مظاهر ريفية الإدارة ترجع بصفة أساسية إلى الخلل في منظومة المعلوماتية داخل المؤسسات ، والمعلوماتية نقصد بها هنا ، الوسائل والنظم والأدوات التي تستخدم في جمع وتحليل ومعالجة وصياغة وتداول المعلومات وكيفية توظيفها لخدمة الأهداف (رغم إدراكنا أن خلل منظومة المعلوماتية عندنا، يعود إلى الخلل والأزمة المتصلة في العقل والبنيان التنظيمي المؤسسي).

والمعلومات – كما هو معروف – التي تشتق من البيانات التي تشكل بدورها القاعدة او الوعاء الاولي لمجموعة الحقائق أو الأفكار أو المشاهدات أو الملاحظات أو القياسات وتكون في صورة أعداد أو كلمات أو رموز مكونة من أرقام أو حروف أبجدية أو رموز خاصة، وهي تصف فكرة ما، أو موضوعا أو حدثا أو هدفا أو أي حقائق، فالبيانات هي المادة الأولية، والمعلومات هي ناتج معالجة البيانات بالتحليل أو التركيب أو الاستخلاص.

ومع هذا الاستخدام الواسع للكمبيوتر، والثورة العلمية والتكنولوجية في الاتصالات، والتي أنتجت ما يسمى “ثورة المعلومات”، أصبحت المعلومات لأول مرة في تاريخ البشرية تضاف إلى العوامل الأساسية للإنتاج مثل الأرض والرأسمال والعمل، فالمعلوماتية هي استغلال وتوظيف الثورة العلمية والتكنولوجية في الاتصالات، وفي جمع وتسجيل وتبويب وحفظ ومعالجة ورصد وتداول ونشر واستدعاء وتطوير وانتقاء المعلومات، بما يساعد على التحليل السليم، الموضوعي، للواقع من حولنا لكل جوانبه وبكل تناقضاته من ناحية وللأوضاع الداخلية المأزومة بهدف متابعتها وحلها من ناحية ثانية.

وهنا نؤكد على عدة نقاط:

1- نتفق أولا أننا – ما زلنا نعيش عصر الحضارة الزراعية ولم ندخل بعد عصر الصناعة التي أوشك العالم المتقدم أن يعبرها إلى عصر المعلومات، ومجتمعات حضارة الزراعة تتسم بسيطرة الخرافة والتكنولوجيا البدائية التي تعتمد على الحس والمهارات المتوارثة، والإدارة في هذا المجتمع تتسم بالتلفيقية والفردية والنفاق والشخصانية والمجاملات والأهواء الشخصية والمزاج وعدم التخطيط وسيادة التفكير السطحي.

2- من الناحية الإدارية البحثية، فإننا نتفق أن مؤسسة لها أهداف محددة واختيارات وأولويات وبرامج، ما يعني تكريس المنهج العلمي في الإدارة المؤسسة لهذه المرحلة أو ما بعدها، حسب العناوين الكبرى في الإطار الوطني أو القومي أو الإنساني من جهة أو حسب العناوين المطلبية الداخلية وفق توجهاتنا في عملية التخصص التي يتوجب علينا البدء بها على الأقل عبر التخطيط.

بحيث نحدد لكل عنوان في الزراعة والصيد والاقتصاد والمياه والتعليم والصحة والعمل والعمال والمرأة والاعلام والثقافة والقانون والسياسة الداخلية…الخ إلى جانب التخطيط الإداري العلمي، عبر المركز الذي يتوجب أن تتوفر لديه كافة البيانات الشاملة عن الحلقات الرئيسية الثلاث، وكذلك الأمر في كل حلقة بما يخصها من أوضاع تنظيمية وسياسية واجتماعية واقتصادية …الخ وكل ذلك مرهون بمدى تحصيلنا واستيعابنا للبيانات والمعلومات التي تساعدنا على تقييم الاختيارات المتاحة ارتباطاً بالعوامل الخارجية والداخلية المؤثرة، على أن يتم توفير وجمع تلك المعلومات ومعالجتها وصياغتها وتبويبها وتسجيلها وحفظها ، بالطريقة التي تسهل الوصول إليها ، وإتاحتها للهيئات المعنية فقط، فالمؤسسة عندما يفتقد التطبيق السليم الموضوعي الصارم لمبادئ التنظيم الجيد تزداد أعماله اضطرابا وفوضى.