كيف يمكن لقاضي الادعاء العام أن يدافع عن الحق العام وحقوق المجتمع؟ والجهاز الذي ينتمي اليه ونقصد الادعاء العام مظلوم ومسلوبة حقوقه؟!، لانه يعمل ويحارب على كل الجبهات الى الحد الذي يكاد أن يكون خصماً اوطرفاً في مواجهة وضد كل الاطراف القوية والمتنفذة التي تملك السلطة والمال والجاه، والتي جعلت من الادعاء العام وقانونه النقطة التي يتفق ويتوافق عليها الجميع.
فمنذ عام 2006 تم تقديم ستة مشاريع لقانون الادعاء العام الى برلمان الاقليم وتمت القراءة الاولى لاحد هذه المشاريع لكن تم اهمالها جميعا ومازلنا نعمل في الاقليم حسب قانون الادعاء العام رقم159لسنة1979ألمعدل وهو قانون ملغي في العراق الاتحادي بموجب قانون الادعاء العام الجديد رقم 49 لسنة 2017.
كما ان جهاز الادعاء العام تابع الى وزارة العدل في حكومة اقليم كوردستان وهو ما يخالف ما نصت عليه المواد (87و88و89) من الدستور العراقي لسنة2005، وكذلك ماورد في المادتين( 77و100) من مشروع دستور اقليم كوردستان العراق.
ان الادعاء العام هو القضاء المظلوم في اقليم كوردستان-العراق والذي يعيش محنة وأزمة تصل الى حد المأساة التي تجعل اعضاؤه الذين يقترب عددهم من 200 قاضي ادعاء عام بدون طموح او أمل او رغبه في التقدم والعمل.
والاسباب كثيرة فعضو الادعاء العام يبقى من اول يوم تعيينه الى تقاعده وموته نائب مدعي عام، حتى يتكرم عليه مجلس القضاء ويغير عنوانه الى مدعي عام رغم ان هذا العنوان لا يضيف اليه اي شئ، ويمكن لاي شخص ان يلاحظ الفرق بين غرف القضاة وغرف اعضاء الادعاء العام في اي محكمة بالاقليم ليجد ان بعض الغرف تضم ثلاثة او اربعة قضاة ادعاء عام في حين ان غرف الموظفين العاديين لا تزيد على ثلاثة.
كما انه لا يوجد اي منصب قضائي او ترشيح لاي منصب او مهمة خارج الادعاء العام، فلم يتم ترشيح اي من اعضائه الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، وتكرر الامر ايضا في تشكيل المحكمة الاتحادية العليا التي لا يوجد من بين اعضائهما عضو ادعاء عام واحد.
وهذا الامر ثابت في اقليم كوردستان الذي يتم ابعاد وتجاهل الادعاء العام بشكل واضح وصل الى حد عدم السماح او قبول عضوية عضو الادعاء العام في اتحاد قضاة اقليم كوردستان، الذي من الغريب والعجيب انه يقبل ويضم اعضاء الادعاء العام من انحاء العراق اي من( مخمور والتون كوبري وغيرها) الى عضويته ويمنحه صفة حاكم لكنهم يمنعون ويصرون على ابعاد زملائهم في الاقليم من سكان(اربيل ودهوك والسليمانية).
والاغرب من ذلك أن يلجأ اعضاء الادعاء العام الى طلب الانتساب والعضوية في جمعية القضاء العراقي ويكونون اعضاءاَ فيها جنباً الى جنب زملائهم قضاة الاقليم في جمعية القضاة العراقي في بغداد، لكنهم لايقبلون عضويتهم اوزمالتهم في اتحاد القضاة في الاقليم رغم اننا نعمل سوية في مكان واحد وفي قاعة واحدة وهذا التمييز والتفريق الذي لا نجد له سببا او معنى في القانون الا الهوى.
بل وحتى الدورات التطويرية والمؤتمرات التي تعقد داخل وخارج الاقليم والعراق لتطوير واغناء مهارات القضاة والادعاء العام فان اعضاء الادعاء العام محرومون منها، لانه حتى لو يتم دعوتهم فانها لابد ان تتم عن طريق وزارة العدل التي نحن تابعين لها ولا يتم التواصل والاتصال مباشرة بين الجهة صاحبة الدعوى ورئاسة الادعاء العام في الاقليم التي تعاني ما تعانيه حيث لا توجد الا بضعة سيارات قديمة ، وان السيارة المخصصة لرئيس الادعاء العام هي مثل او اقل من سيارة موظف بسيط في وزارة العدل او الوزارات الاخرى.
كما لا توجد اي مخصصات او نفقات نقل لاعضاء الادعاء العام الذين يقومون بتفتيش مراكز الشرطة ومكافحة الاجرام ودور الاصلاح(السجون) ومراكز التوقيف وينتقلون من هذه الوزارة الى اخرى وتصل في بعض الاحيان الى عدة لجان تحقيقية باليوم الواحد بسياراتهم الخاصة وعلى حسابهم الخاص.
كما ان رواتبنا قد شملها الاستقطاع اوالتخفيض بنسبة 50% خمسين بالمائة على اساس اننا من موظفي الدرجات الخاصة مثل الوزراء، وارتفاع الدولار من 120 الف الى 150 الف دينار قد دمّر شريحة الموظفين الذين ربما يكون لبعضهم طريقة عيش او عمل او مهنة خارج الدوام الرسمي، اما القضاة وقضاة الادعاء العام فهم ممنوع عليهم العمل والكسب خارج عملهم الرسمي وبالتالي فقد اصبحت ظروفنا صعبة وحياتنا شاقة، ويتطلب على كل من بيده الامر ويستطيع تصحيح الاوضاع القانونية والمعيشية للموظفين والقضاة وقضاة الادعاء العام في الاقليم مع الاحترام والتقدير لكل العناوين والمناصب التي يمكن لها التدخل وانصافنا ورفع الظلم الواقع علينا.