“لا يريد الناس الحرب، ولكن يمكنهم الموافقة دائمًا على مخاطرات القادة. هذا سهل. كل ما عليك فعله هو إخبارهم أنهم تعرضوا لهجوم، ثم قم بإدانة دعاة التهدئة واتهمهم بعدم الوطنية وتعريض البلاد للخطر. حل سحري، ينجح في جميع البلدان.” – هيرمان جورينج
إنها صناعةً أوجدها من لايخاف الله تعالى في المجتمعات الملتزمة والمحافظة دينيا لبث التفرقة والسيطرة عليها من خلال أراء وأفكار شاذة من نصوص المعتقد ذاته على قاعدة “من فمك أدينك “بما معناه أنت تعبد الله وتخاف عبد الله …فالمؤمن بديهيا لا يخاف غير الله تعالى وهو مع الحق يرى الظلم ظلما والحق حقا ويبتعد عن النار بالحسنات ويتقرب إلى الجنة بالطاعات ويؤمن أن الله هو الرزاق …واستغلت هذه استغلالا محبوكا لحرف مسار الطاعة من الخالق إلى المخلوق, وإضعاف الظن بالله تعالى من خلال السيطرة على الاقتصاد وإذلال الكرامة ومقايضة الكرامة بالطاعة والشرف بالولاء ولفترات طويلة ….فتمددت ثقافة الخوف
الخوف هو شعور قوي ومزعج تجاه خطر، إما حقيقي أو خيالي. الخوف هو العدو الأعظم للإنسان , فالخوف هو السبب وراء الفشل والمرض وخلل العلاقات الإنسانية . ويخاف ملايين الناس من الماضي , والمستقبل , والشيخوخة, والجنون , والموت . ولكن الخوف ماهو إلا فكره في عقلك الباطن وهذا يعني أنك تخشى أفكارك. ويمكن تقسيم الخوف إلى نوعين :
خوف موضوعي : وهو الذي ينشأ نتيجة خطر حقيقي يهدد حياة الإنسان أو سلامته أو أقرب الناس إليه كأطفاله.
خوف غير موضوعي (رهاب) أو خوف مرضي : وهو الذي ينشأ عن مواقف لا تهدد الإنسان بأخطار حقيقية كالخوف من الظلام أو الخوف من الأماكن المغلقة أو المرتفعة.
إن ثقافة وسلوك الخوف الجمعي والانقياد المغلق للجهة المؤثرة على المشهد هو شعور نفسي ينعكس ظاهريا على الوضع العام في تأييد الآراء غير المناسبة مع حقيقة الوضع الاقتصادي والاجتماعي بحجج غير مبررة وغالبا تتم صناعة الخوف في المجتمعات الأكثر عرضة للحرمان والفقر ذات الخلفية المختلطة و المضطربة أو التي تعاني من دكتاتوريات حاكمة مستبدة تعاملهم بسياسة المطرقة والسندان وبغض النظر عن الشهادات الخلفية الثقافية للمجتمع والمستويات التعليمية فالمهم هو خلق أرضية نفسية هشة غير مستقرة لدى الشعوب للتلاعب بها فيما بعد كيفما يشاء .كما أن لها الدور الكبير في تنمية وخلق مناخ ثقافي يتميز بالخوف وعدم اليقين وخلق أفكار تساعد على خلق خوف وهمي وظهور الوطنية والتي تؤدي بدورها إلى التورط في مغامرات عسكرية وهذه هي ثمارها الأخيرة.
فالملاحَظ إن المواطن العربي في حالة تمرد وهيجان وفورة مستمرة منذ فترة طويلة ويعاني من قهر فكري ويشعر بتهميش شديد وعقدة الاضطهاد ألقسري نتيجة لسياسات الصدمة والرعب المستمرة على حياته العامة إضافة إلى اللغة القانونية الصعبة التي تمارس معه في حياته العامة وازدواجية التعامل بها فيما بين أبناء المجتمع الواحد .
إن الضغط العام أدى إلى تغيب العقل عن المشهد التحليلي للموقف الاجتماعي العام وبالتالي أسست لنشوء ثقافة تربوية صارت اتجاها سلوكيا يظهر في حدة المشاعر وارتفاع نبرة الصوت واستخدام الإيماءات ورفع الأيدي أثناء الحديث لم تختلف على مر العصور على الرغم من اختلاف القادة والعساكر المتعاقبين على حكم هذه الأمة ودعواهم برفع راية الإسلام الذي تتعارض نصوصه القرآنية مع هذه النمذجة للسلوك .
إن أفكار السلامة الإنسانية ، والجدل حول الصحة، والبيئة، والفقر وعلاقة الإنسان بالبيئة ودور التكنولوجيا بعيدة كل البعد عن العلوم أو الأدلة التجريبية. وعلى العكس من ذلك، فهي تتشكل بالافتراضات الثقافية حول الضعف البشري وكيفية استغلاله من قبل الرأسماليين والصراع الاقتصادي لدى صناع القرار.
إن حالة الذعر المستمرة التي تسكن العقل العربي ابتداء من مزمار السيارة إلى أصوات القنابل وحفيف الشجر قد صنعتها عقول الحكومات المتعاقبة بعد أن ولدت فراغ ثقافيا كبيرا بين العقيدة الدينية وسلطة الحكم من خلال التعارض وإظهار المؤيد في مظهر المعارض والمخرب وتشكيل اللوحة إعلاميا واستهداف الصف الثاني من الدعاة والمفكرين وأصحاب الرأي وترك القاعدة الشعبية بدون مرشدين أو موجهين ليتم تشكيلهم وفق مايرغب قادتهم.
ومثالا بسيطا على ما نذهب إليه من استغلال الخوف في الإدارة وصنع مادة بشرية مطيعة لتنفيذ الرغبات الغير مشروعة هي ثقافة الإدارة بالوكالة للمناصب الحكومية والإدارية في الدول بصورتها الحاضرة وانتشارها على الرغم من تعارضها مع قوانين الخدمة المدنية والتوصيف الوظيفي ووجود اصلاء يمكن أن تكون له بصمات واضحة في الادراة الإستراتيجية .
فالمعين بالوكالة يقع بين مطب المطالب غير المشروعة بتنفيذ المخالفات الإدارية التي تفرض عليه من السلطات الأعلى من خلال استغلالهم لنقاط ضعفه القانونية من جهة وخوفه على منصبه وبرجه الوهمي بالتميز وهذا أكثر الأشياء مدعاة لوجود الفساد الإداري والمالي وإساءة استخدام السلطة.
فالخوف يجعل العزيز ذليلا والكريم بخيلا والحليم أليماً
وكفاكم الله شر الخوف من غير الله.