(دراسه قانونيه وتحليليه انتقائيه مقارنه)
الحلقه الاولى:
سنتناول في دراستنا القانونيه هذه التأصيل والتوصيف القانوني لاحكام السكوت المنتج للاثر القانوني اولآ وغير المنتج للاثر القانوني ثانيآ.. وذلك كدراسه مقارنه في كل من فرنسا والعراق وليبيا ومصر والاردن وغيرها..متناولآ ابرز المسلمات والشروط العامه لسكوت الاداره والاثار المترتبه عليه. ان الاحكام القانونيه للسكوت في القرارات الاداريه ذات دلالات مهمه نوعيآ واستثنائيآ بسبب قلة الادبيات القانونيه والدراسات الاكاديميه في هذا المجال. كما ان جدليات الحداثه القانونيه لمثل هذه الموضوعات اوجبت علينا اجراء قراءه ومراجعه نقديه لنمط جديد من القرارات الاداريه ذات تاثيرات متزايده في منازعات الاداره العامه..؟
أن ترتيب المشرع للاثر القانوني على سكوت الاداره. ضروري جدآ من اجل حماية حقوق الاشخاص وتكريس قيم العداله القانونيه. ويجب التذكير هنا ان قرينة القبول او الرفض لا يمكن استخلاصها من سكوت الاداره الا بالنص القانوني الصريح لها. وقد تدخل المشرع هنا وهناك لاعتبار السكوت لمده زمنيه معينه بمثابة قبول او رفض للطلب المقدم للاداره. اي ان المشرع اعتبر فوات المده الزمنيه التي حددها بمثابة قرار اداري كي يتمكن صاحب الشأن من تحقيق مطالبه واستيفاء حقوقه اذا كان القرار الاداري الضمني بالموافقه على الطلب او مراجعة الطرق القضائيه اذا كان القرار الاداري الضمني بالرفض الكلي او الجزئي.
وكنتيجه لتطور ادوات القانون الاداري في فرنسا ومن اجل توحيد احكام السكوت وضع المشرع الفرنسي قاعده عامه حيث جعل سكوت الاداره لمده محدده بمثابة قرار اداري بالرفض..؟ اما في اغلب المشرعين في البلدان العربيه لم يضعوا لحد الان. نظريه عامه تحكم السكوت انما فقط توجد لها احكام متناثره في التشريعات الاداريه..! وهكذا اعتبر المشرع العربي في مصر والعراق وليذيا والاردن ان مرور مده زمنيه على تقديم التظلم بمثابة رفض له؟ ولعل ذلك ياتي انسجامآ مع قاعدة تقابل او توازي الاشكال ومؤداها انه عندما يراد الغاء قرار اداري او تعديله فيجب اتخاذ الاجراءات نفسها. وحيث ان المتظلم من القرار الاداري يطلب طبعآ الغاءه او سحبه او تعديله وما دام هذا القرار قد صدر مكتوبآ في(الغالب)
فلا يمكن هنا اجابة المتظلم الا بالشكل نفسه الذي صدر بموجبه القرار المتظلم منه. اي الشكل الكتابي. لذا اعتبر المشرع سكوت الاداره بعد تقديم التظلم ولمده معينه بمثابة قرار اداري بالرفض وليس بالقبول..؟
اذن فاضفاء الاثر القانوني على سكوت الاداره هو السبيل الوحيد نحو امكانيه اقامة الدعوى القضائيه. اي ان من يريد ذلك عليه تقديم التظلم اولآ وأنتظار مرور المده القانونيه على سكوت الاداره. ومدد السكوت اضافة الاثر القانوني لهذا السكوت بالرفض او القبول يختلف من بلد الى اخر ومن مشرع لأخر وسوف نتطرق له لاحقآ..
عمومآ لعب مجلس الدوله الفرنسي دورآ هامآ في تطور احكام نظرية السكوت فاليه يعود الفضل في تطوير القواعد القانونيه لحماية حقوق الافراد من تعسف الاداره..ولا ابالغ اذا قلت ان القواعد القانونيه الاداريه في الدول العربيه ماهي الا نقل مباشر لاجتهادات مجلس الدوله الفرنسي. ويمكن هنا القول ان سكوت الاداره الذي يرتب عليه القانون اثرآ ما. ماهو الا قرينه قانونيه وهذه القرينه تعفي من تقررت لمصلحته عن ايه طريقه أخرى من طرق الاثبات. وهكذا نلاحظ اهمية السكوت في انشاء القرارات الاداريه عندما تلتزمه الاداره وينص القانون على افتراض وجود قرار اداري ضمني َابعد مرور فترة زمنيه معينه. ولكن الاداره قد تسكت احيانا في مناسبات أخرى ويفسر سكوتها هذا على اساس انه قبول. ومثال ذلك تتيين الموظف على سبيل التجربه مده معينه. فاذا سكتت الاداره بعد انتهاء هذه المده فمعنى ذلك ان الموظف ثبت في وظيفته. فسكوت الاداره بعد انتهاء مدة التجربه الوظيفيه يعتبر ذلك دليلا على قناعتها بكفاءة الموظف. وذلك لان الكفاءه هي الأصل وعدمها هو الاستثناء. ولذلك الاداره مطالبه بالتصريح برأيها بعدم كفاءة الموظف متى ارتأت. فاذا سكتت فهو دليل على القناعه بكفاءة الموظف (والسكوت هنا علامة الرضا) ومن المفيد الاشاره هنا الي ان السكوت في القانون الاداري لا يقتصر على سكوت الاداره فقط بل قد يلتزم الاشخاص بالسكوت احيانآ في مناسبات يفرض عليهم القانون بالتصريح بدل السكوت.وفي هذا الشأن قرر ديوان التدوين القانوني العراقي. ان سكوت العراقي عن رفض الجنسيه الايرانيه وتدم تقديمه طلبر لردها لا يعتبر عملآ ايجابيآ لغرض سقوط جنسيته العراقيه..؟
ملاحظه هامه:
سيتم الاشاره للمراجع بشكل اجمالي بعد الانتهاء من نشر حلقات هذه الدراسه.. وذلك لاسباب تقنيه