تمتاز السياسة الأمريكية في العراق خاصة والمنطقة عموما ،بالازدواجية والتخبط والفشل ،عبر سني الاحتلال للعراق وما بعده ،وهذا ما ادخل العراق والمنطقة كلها في نفق تراه الان كارثة عليها ،فقد وقعت امريكا في شر اعمالها وتخبطها وفشلها وسقوطها امام العالم كدولة عظمى،حيث ثبت فشل الاستيراتيجية الامريكية فشلا ذريعا ،وتنامي قوة ايران العسكرية والدينية وهيمنتها المطلقة على العراق وسوريا واليمن ولبنان ،وهذا يؤكد ان المشروع الامريكي في اقامة الشرق الاوسط الكبير بات في (خبر كان)،اي مات قبل ولادته ،في يترسخ المشروع الايراني الكوني في التمدد الشيعي الصفوي في المنطقة والعالم ،يقول الجنرال الامريكي المتقاعد ويسلي كلارك (وهو قائد الجيوش في حلف الشمال الاطلسي الناتو)،( الاستراتيجية الأمريكية ناجحة جزئيا، ولكن لا يمكن تحقيق كل الأهداف . هناك غياب اليوم لاستراتيجية واضحة )،معنى هذا ان ما تقوم به امريكا من تحالف دولي تقوده ضد تنظيمات الدولة الاسلامية في العراق والشام ،مشروع لايمكن له النجاح لغياب الرؤية الواضحة كما يصفها (كلارك نفسه)،وما تقوم به امريكا وتحالفها من قصف جوي على اهداف الدولة الاسلامية في سورية والعراق ،ماهو الا محاولة لاثبات الفشل ،لان المعارك لاتحسمها الطائرات والقصف الجوي ،هذا من جهة ،ومن جهة اخرى مانراه الان من تحشيد عسكري كبير جدا يفوق اربعين دولة ،بكل آلتها العسكرية الهائلة والمتطورة وماكينتها الاعلامية الجبارة ،لمواجهة تنظيم لايمتلك جيشا ولا طائرات ولادبابات واعلام مؤثر ،ما هو الا ضرب من الخيال ،لايمكن ان يتخيله المرء ،ومع هذا نرى ان عناصر الدولة الاسلامية وتنظيماتها تحقق انتصارات واسعة في العراق وسوريا ،تمثل هذا رغم التدخل الامريكي الجوي المؤثر،
سقوط مدنا واقضية ونواحي،كما حصل في الرقة ودير الزور والموصل وصلاح الدين واجزاء واسعة من كركوك والانبار وديالى،ثم نأتي الى الاوضاع على الارض ،ففي سوريا تدعم امريكا الجيش الحر وبعض الفصائل الاسلامية التي تسميها (بالمعتدلة)وحتى غير المعتدلة هناك،وتعارض الحوار مع النظام السوري،في حين هنا في العراق تدعم الحكومة الفاشلة والميليشيات الطائفية الايرانية ،ولاتدعم ثوار العشائر والثورة العراقية ،وتعتبرهم (ارهابيين )،وتضعهم في خانة تنظيمات الدولة الاسلامية او ما تسميها (داعش)،وهي تعتبر كل (سني داعش)،هكذا تتعامل امريكا واداراتها مع السنة في المنطقة كلها وليس في العراق فقط،لهذا فشلت استيراتيجيتها في احتواء(السنة)،وتلبية مطالبهم ،واعتمادها على ايران في ملء الفراغ واطلاق يد الميليشيات الايرانية في العبث بحيات العراقيين وتهجيراكثر من خمسة ملايين منهم الى خارج العراق ،ناهيك عن القتل على الهوية وغيرها،لهذا اليوم تقود ادارة اوباما حملة اعلامية لاعادة الاعتبار( للسنة) الى واجهة الاحداث وتقليل النفوذ الايراني في العراق والمنطقة،وهذا ما يؤكده خامنئي عندما يرفض التواجد الامريكي وتحالفه في العراق مبلغا حيدر العبادي ومحذرا له في لقائه الاخير به،يحصل هذا بعد ان فات الماء من تحت ادارة اوباما او قد سبق السيف العذل كما يقال،لان النفوذ الايراني تعدى حدود العراق ،واصبحت اربعة عواصم عربية تدين لايران بالولاء المطلق،وهذا ما يهدد مصالح امريكا تهديدا مباشرا في المنطقة
وهذا هو سر رفض حكام طهران ،تواجد قوات برية امريكية وغربية في العراق بحجة مواجهة الدولة الاسلامية في العراق والشام،امريكا تريد تطبيق سياسة الاحتواء المزدوج مع كل من ايران والدولة الاسلامية معا ،وهذه السياسة اثبتت فشلها سابقا ،في سوريا واوكرانيا ولبنان واليمن ،لهذا نقول ان الاحتواء المزدوج هو في الحقيقة تكتيك واهن لايمكن له النجاح ،في ظل متغيرات دولية واقليمية دراماتيكية سريعة في كل من اليمن وسوريا والعراق ،جعلت المنطقة كلها على كف عفريت ايراني خطير جدا ،لا يمكن لامريكا احتواءه على المدى المنظور،في حين استحالة احتواء الدولة الإسلامية في العراق والشام بسبب تقاطع مشروعها الاسلامي العالمي مع المشروع الامريكي ،هنا يصبح الاحتواء الذي تريده امريكا حالة من العبث واضاعة الوقت،فهل تذهب ادارة اوباما الى النهاية في سياستها الفاشلة واستيراتيجيتها المعطلة في المنطقة ،ام تعيد النظر بها على ما افرزه الواقع من مؤشرات ومعطيات فرضتها الاحداث عليها مرغمة طائعة ،وهل زيارة حيدر العبادي الى ايران وتلقيه اتصالا هاتفيا قبل السفر من قبل جوزيف بايدن نائب الرئيس الامريكي هو محض صدفة ،ام هناك تبليغات ينقلها العبادي لحكام طهران من ادارة اوباما ،اسئلة تثيرها الزيارة ،والدليل ان المرشد الاعلى استقبل العبادي حال وصوله الى طهران خلافا للبروتوكولات الدبلوماسية ،وخروج تصريحات خامنئية ساخنة وتحذيرية، ضد التحالف الامريكي الغربي في العراق وانزال قوات برية فيه ،هنا تبرز علامة استفهام ،لماذا اذن تتواجد الميليشيات الايرانية وتقاتل في العراق هي والحرس الثوري وفيلق القدس ،ويقول قاسم سليماني(بأني ادير العمليات العسكرية بنفسي في بغداد)،
اليست هذه ازدواجية امريكية مفضوحة وساذجة، وماذا نسمي هذا التواجد الايراني العسكري ،
غير انه احتلال تحت غطاء ودعم امريكي،هذا التساؤلات وغيرها تؤكد تخادم ايراني امريكي واضح لتقاسم النفوذ ،وما هذا التحشيد الامريكي والدولي الا سيناريو باهت لحرب هم يقولوا انها ستطول اكثر من ثلاثين سنة ،ونقول مع من تطول غي مع العرب السنة في المنطقة ،وصولا لتحقيق الاهداف الامريكية والايرانية معا في المنطقة ،وهي اهداف اصبحت مكشوفة وواضحة ،هو تفتيت وتجزيء وتقسيم المنطقة واضعافها طائفيا وعرقيا وقوميا ومذهبيا ،ومع المعارك في كوباني وامرلي والضلوعية وحزام بغداد وديالى والقلمون وحلب وغيرها الا مقدمات لتطبيق هذا المشروع ، فكوباني مدينة على الحدود السورية التركية يسكنها اكراد ينتمون الى الاحزاب الكردية (الديمقراطي والبككا وغيرها )،لماذا كل هذا الاهتمام بها وترك غيرها ،الا لتوريط تركا وادخالها عنوة في حرب مع الدولة الاسلامية واكراد تركيا هي لاتريد هذه الحرب وليست طرفا فيها ،وهكذا هي عملية التوريط الامريكي مع بقية الدول المشاركة في التحالف الدولي ،والرابح الاكبر من كل هذا هو ايران بالدرجة الاساس واسرائيل ثانيا ،وتصريحات ايرانية تقول ان سقوط بشار الاسد هو تهديد لأمن اسرائيل ،هذا يعني ان الاهداف المشتركة لكل من ايران واسرائيل تلتقي ،لتشكل تهديدا خطيرا لمستقبل الامة العربية ،ونرى ان سياسة الاحتواء الامريكي المزدوج قد اضرت بالعرب سابقا في فترة الحرب الباردة ،واليوم المنطقة على فوهة الحرب العالمية الثالثة ،فهل يتعظ العرب ،ويصحو من سباتهم بعد ان خسروا العراق واليمن وسوريا ولبنان …….؟ انها سياسة الاحتواء الامريكي المزدوج يا عرب …….