يختلف العراقيون في طباعهم عن جميع شعوب العالم الى حد انهم يمجدون الفاشل وينتقصون من القادة الذين بنو مجد العراق الحديث .
يحتفل العراق اليوم وجعلت حكومته يوم 14 تموز من كل عام عطلة رسمية وهو يعتبر ” يوم النكبه العراقية ” وتغير المسار السياسي والحضاري للعراق وغياب مفهوم دولة المؤسسات والديمقراطية ، بعد الاطاحة بنظام حكم ملكي دستوري برلماني وسيطرة العسكر على زمام الامور وغياب الوجه الحضاري للعراق الذي جاهد لبنائه الملك فيصل الاول .
في مثل هذا اليوم قبل اكثر من خمسين عقدا من الزمن غامر عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف بوطن وشعب وضيعه بالكامل فكان انقلابه “بداية المحاصصة وصعود العسكر لسدة الحكم والزعيم الاوحد وغياب الدولة لكافة مظاهر الدولة ” لتبقى تسير بيد الرجل والحزب الواحد .
العراقيون صفقوا لصاحب الهتافات الحماسية وشاركوه بقتل العائلة المالكة وسحبها في الشوارع كما لاقى السياسي المخضرم رئيس الوزراء المخلص لبلاده نوري السعيد ، لكنهم في نفس الوقت اليوم يحتفلون ويشيطون ندما لتلك الايام التي يعدوها من الخوالي .
يحب العراقيون زعيمهم عبد الكريم قاسم ويحتفلون بثورته التي غيرت العراق من حكم ديمقراطي وسلمه بيد الدكتاتورين الفاسدين من حلف بغداد وصاحبي قرار على تركيا وطهران الى تابعين مذلولين انهى قاسم الخطط الاستثمارية التي رسمها رئيس الوزراء نوري السعيد مثل سد الثرثار ودوكان حتى الزراعة باتت مشلولة ومعدمة بعدما ان كان العراق مصدر الاول لها .
السادة الهاشمين الملوك الاشراف ونوري السعيد باشا كانوا يرسمون للعراق خططا للنهوض بواقعه الاقتصادي والمعنوي وخصوصا الفكري ، كانت المنطقة تعاني من قلة التعليم بل عدميته والعراق يمتلك جامعة بغداد ويذكر الشهود على تلك المرحلة انه بانقلاب قاسم المشؤوم انتهى افضل نظام تعليمي ممثلا بجامعة بغداد وكلياتها حيث كانت الشهادات التي تمنحها محلا للتشريف خارج العراق في وقت كانت كثير من دول المنطقة كالسعودية والكويت لا تعرف الدراسة الاعدادية .حتى.ووصلت المرأة في ذلك العهد الى شهادة الدكتوراه في حين كان كثير من دول المنطقه يحرم التعليم الابتدائي على المرأة كالسعودية.
ويذكر الخبير القانوني طارق حرب ان الصفة المدنية للمجتمع العراقي انتهت وتحول الى الصفة العسكرية حكاما وتنظيمات كالمقاومة الشعبية والحرس القومي والجيش الشعبي ويوم كان يضرب المثل بالتآخي بين المكونات العراقية الاسلامية (الشعية والسنية) والمسيحية واليهودية وسوى ذلك من المكونات.وانتهى زمن الشيعة في الحكم حيث كان هنالك 4رؤساء وزارات من الشيعة في العشر السنوات السابقة للثورة هم صالح جبر ومحمد الصدر وعبدالوهاب مرجان وفاضل الجمالي وفي الثلاثين سنة اللاحقة للثورة حصل شيعي واحد فقط على رئاسة وزارة هو ناجي طالب سنة 1967 لمدة شهرين فقط.،مبينا ان اهم واخطر ما حصل بعد 14 تموز 1958 هو فتح المجال واسعا امام كل مغامر ومقامر للقيام بانقلاب عسكري وهذا ما حصل سنة 1963 وما بعدها من حكم البعث وحكم صدام الذي استمر لعشرات السنين”.
ودعا حرب الى اعادة الاعتبار للعائلة المالكة ولرجال العهد الملكي فلقد بنوا دولة جديدة اسمها العراق وقدموا للعراق مالم يقدمه حكام العراق الجدد بعد 14 تموز 1958 على الرغم من قصر مدة العهد الملكي لنا في الشعب الفرنسي اسوة حسنة الذي اعاد الاعتبار للعائلة المالكة الفرنسية ونحن لازلنا نتندر على الملكة ماري انطوانيت وما يروى عنها من قضية الخبز والبسكت في حين ان النظرة السائدة الآن لهذه الملكة بانها قديسة كحال القديسة جان دارك.
اليوم نحن كعراقين لا نكرم من بنو مجد بلدنا وافضل فترة حكم شهده العراق بل نتناسى ذلك ونطلق على يوم 14 تموز المشؤوم بالثورة بل ” هي نكبه ” ادارها مجموعه من الضباط يتزعمهم شخص متخلف ليس له رؤيا ولا تخطيط سوى خطابات تحشيديه عدائيه تمجد شخصه .
مرت اكثر من خمسة عقود من الزمن ولم يناسى العراقيون تلك الحقبة من ملوك ورئيس وزراء نوري سعيد باشا الذي اقترن اسمه بالعائلة المالكة يتذكرونه بالم وحنين لكنهم يمزجون هذا الحنين بحب عبد الكريم قاسم القائد النزيه متناسين الخيانة العظمى التي ارتكبها قاسم بحق الملك عندما حلف على القسم وكان من المقربين لنوري السعيد هل النزيه يخون ؟.د
ادرك العراقيون الان ما اصابهم جراء تلك المغامرة التي اقترفها قاسم وان رجالات العهد الملكي اوفوا لبلدهم وشخصيات غير معهودة وخاصة رئيس الوزراء نوري السعيد الذي يعتبر شخصية فريدة من نوعها في المنطقة العربية وحريص على وحدة بلده وتقدمه في شتى الميادين .
يجمع المؤرخون نوري باشا كان واحدا من رجالات الرعيل الاول الذين ساهموا في تأسيس النظام السياسي في المشرق العربي برمته ، كما تكشف عنه الوثائق التاريخية يوما بعد آخر .. وكان الرجل وراء عدة مشروعات استراتيجية منها ما نجح ومنها ما فشل ، وكان من ابرزها : مشروع الاتحاد العربي الذي سمي في ما بعد بـ ” الجامعة العربية ” ، ومنها : ” كتابه الازرق ” الذي يعلن فيه عن مستقبل وحدة الهلال الخصيب لكلّ من العراق وبلاد الشام ، كان نوري السعيد يعلن عن مدى حاجة العرب للغرب في تحديث حياتهم المتنوعة والتخلص من ثقافتهم الموروثة .
يذكر ان نوري السعيد قام ابان الحرب العالمية الثانية بطرح مبادرة ، وخصوصا اثر بعد انتصار الحلفاء في معركة العلمين بمصر مع نهاية العام 1942م ، وقام بارسال مذكرة الى الحكومة البريطانية في 15 فبراير/ شباط 1943م تضمنت مشروعه الذي تبنى فيه قيام اتحاد كونفدرالي عربي يؤمن العرب فيه موضوع استقلالهم ووحدتهم . واقترح رأيه في ان تصدر الأمم المتحدة عندما تضع الحرب اوزارها إعلاناً يقول بتوحيد كل من سوريا ولبنان وفلسطين وشرق الأردن، فيما عرف في الادبيات السياسية العربية باسم سوريا الكبرى، ويطرح ” المشروع ” ايضا قيام اتحاد كونفدرالي موسع يوحد على الفور كل من سوريا والعراق وينظم من يرغب الالتحاق به من البلاد العربية الأخرى، ويتأسس مجلس لهذا ” الاتحاد ” كي يكون مسؤولاً عن شؤون الدفاع، والعلاقات الخارجية، والنقد والجمارك، وتضمن مشروع نوري السعيد ايضا منح اليهود شكلاً من أشكال الحكم الذاتي تحت إشراف الدولة السورية الكبرى، وأن يمنح موارنة لبنان نظاما خاصا مثل الذي تمتعوا به في ظل الحكم العثماني .
نوري السعيد د تميز بدهائه السياسي الذي ابقاه سنوات طويلة مهيمنا على السياسة العراقية ، فكان صديقا للانكليز يعاملهم الند في الند ” خذ وطالب “. فكانت هذه النقطة يؤججها خصومه ضده من قومين واسلامين واشتراكين فيحركو عامة الشعب بحجة عميل للاستعمار ، كما ونجح في عقد اكبر تحالفين دوليين اقليميين: ميثاق سعد آباد وميثاق بغداد .. الخ
بتواريخنا ورجالاتنا وزعمائنا ومنهم : نوري السعيد . هذا الرجل الذي يعتبر محور الشرق الاوسط برمته في عقود الثلاثينيات والاربعينيات والخمسينيات ابان القرن العشرين ، وصولا الى مصرعه عام 1958. انه مؤسس النظام السياسي العربي الذ2/3 كشف جديد من اجل الحقيقة
في مثل هذا اليوم لنعيد النظر ونترحم على ملكونا ونوري باشا ونترحم عليهم بدلا من الاحتفال بقتلهم والتنكيل بهم ونفتخر بمن اغتالهم وغدر بميثاق وقسم وطني .. انها ” النكبه ” هل نحن مختلفون عن شعوب العرب فلنميز وتكن لنا اعين نبصر بها .
فرحم الله ذلك رجالات لك العهد وياريت العراق يعود تاجه ملكيا دستوريا ينصب على رأس هاشمي شريف يحفظ مكونات البلاد من سنة وشيعه ومختلف العراق ويكون خيمة على الجميع .