23 ديسمبر، 2024 1:07 ص

الاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان: اتفاق الدولة والحركة

الاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان: اتفاق الدولة والحركة

الاتفاق الذي وقع الولايات المتحدة وحركة طالبان وان تعود بدايته الى عام2011 في قطر ولم تكن ادارة بارك اوباما جادة في تلك المفاوضات الا ان ادراة ترامب المثير للجدل قد وقعته اخيرا مطلع شهر مارس 2020، وصفه الاعلام الامريكي بالاتفاق التاريخي بعد عداء ظاهري استمر ما يقارب تسعة عشر عاماً ومع حركة اسلامية متطرفة مسلحة لا تملتك صفة الدولةـ، بعد ان خاضت الولايات المتحدة في عام2001حربا على افغانستان اسقطت من خلاله نظام حكم الحركة المتهمة بالإرهاب والهجوم على الولايات المتحدة الامريكي وضلوعها في مد الارهاب العالمي بالتعبئة العقائدية والفقيه المناهضة للغرب الامريكي بعد الحرب الباردة حيث كانت الحركة على وئام مع الولايات المتحدة لهدف واحد وهو الخصم السوفيتي المشترك، وبدات صفحة العنف بين الجانبين حين شنت الولايات المتحدة غارات جوية بعد شهر من هجمات11 سبتمبر 2001 على افغانستان بعد ان رفضت طالبان تسليم الرجل الذي وقف خلف تلك الهجمات، أسامة بن لادن الارض التي مثلت له وقاعدته واعضاء التنظيمات الجهادية ارضا خصبة في الاختفاء والهجوم في الوقت ذاته، وانضم إلى الولايات المتحدة تحالف دولي وتمت الإطاحة سريعاً بحكومة طالبان فتحولت طالبان إلى حركة تمرد وشنت هجمات دامية، وزعزعت الحكومات الأفغانية المتلاحقة، وبينما أنهى التحالف الدولي مهمته القتالية في 2014، لكنه أبقى آلاف العناصر تحت بند تدريب القوات الأفغانية. لكن الولايات المتحدة تابعت عملياتها القتالية الخاصة بعد تقليصها في أوقات سابقة، بما فيها الغارات الجوية.
وبعد سنوات من العداء الولايات المتحدة اصبح هناك تقارب بين الجانبين قادته قطر ورعاه بشكل مباشر السفير الامريكي السابق ومنسقها مع الجماعات الاسلامية زلماي خليل زادة، اراد منه ترامب رسالة الى الامريكيين في خضم معركته الانتخابية المرتقبة مع الديمقراطيين الذين كانوا يأخذون على الجمهوريين مغامراتهم العسكرية الخارجية بداً من افغانستا، وقد يكون الاتفاق العلني الاول الذي تعقده الولايات المتحدة بقيادة ترامب في اطار التعامل مع التنظيمات المسلحة فضلا عن انها عوملت كحركة ارهابية، ورغبت به الحركة ايضا اذ قال ترامب بعد توقيع الاتفاق: إن حركة طالبان كانت “تحاول التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة منذ فترة طويلة.، وقد اتفق الطرفان في الاخير على عدد من المحاور ابرزها:
اولاً: جميع القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهرا
ثانياً: تخفض الولايات المتحدة قواتها في أفغانستان إلى 8600 في غضون 135 يوما بدءا من تاريخ توقيع الاتفاق
ثالثاً: تسحب الولايات المتحدة وحلفاؤها والتحالف جميع قواتهم من 5 قواعد عسكرية في غضون 135 يوما
رابعاً: ازالة العقوبات الأمريكية عن أفراد طالبان بحلول 27 أغسطس 2020
خامساً: إطلاق سراح ما يصل إلى 5 آلاف سجين من طالبان، وما يصل إلى ألف من سجناء الطرف الآخر بحلول 10 مارس 2020.
وفي ضوء هذه النقاط تبدو اهداف الولايات المتحدة من الاتفاق مع الحركة ايقاف نشاط الحركة المناهض للولايات المتحدة والحفاظ على جنودها على المديين القريب والبعيد اذ في القريب يضمن لها ليس فقط ان لا تستهدف الحركة الوجود الامريكي وانما قد تشكل الحركة تهديدا مرة اخرى للأطراف الاقليمية المناهضة للوجود الامريكي في المنطقة وبالتحديد ايران، وقد يكون هذا الاتفاق بمثابة اعلان الولايات المتحدة انهاء حروبها جميعا في العالم بما في ذلك العراق وسوريا اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الاتفاق اجري بين امريكا الدولة وتنظيم مسلح وهو طالبان فان اتفاقا اخر سيكون اكثر سهولة مع الدول اذا وفرت للولايات المتحدة معطيات مصالحها.
فيما يرسم الاتفاق هدف اسمى للحركة يتمثل بعودتها كحركة عقدية يتيح لها هذا الاتفاق ان تمارس النشاط السياسي فضلا عن رفع العقوبات عن اعضائها واذا ما انسحبت القوات الأجنبية من أفغانستان فسيصبح نظام الحكم شأناً داخلياً يتحكم فيه الأقوى، وهو حركة طالبان وهو ما يمثل تهديدا للسلم الاهلي لاسيما وان الحركة ذات منطلقات عقدية للغائية ولم تترسخ في ادبياتها فكرة التداول السلمي للسلطة والتعايش السلمي، فيما تتمثل ابعاد الاتفاق بالنظرة الجيوسياسية للولايات المتحدة للجوار الافغاني حيث تمثل ايران مصدر ازعاج للولايات المتحدة وجود التوتر ما بين حركة طالبان والجيش الامريكي في افغانستان يصب في صالح ايران التي ترى ذلك يصب في صالح امنها القومي من أي تهديد امريكي من هنا قالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان نقلته وسائل الإعلام الرسمية: ليس للولايات المتحدة سند قانوني لتوقيع اتفاق سلام أو تحديد مستقبل أفغانستان، وأضاف البيان أن إيران ترى التحرك الأمريكي كمحاولة ”لتقنين وضع قواتها في أفغانستان، اذ ان ايران اتبعت استراتيجية محاربة الولايات المتحدة خارج حدودها وقد وفر لها المسار السياسي والجغرافي فرصة عالية في فرض استراتيجيتها القومية اضافةً الى بيئات اخرى كاليمن وسوريا وحلفاء اخرين في العراق ولبنان.