23 ديسمبر، 2024 4:34 ص

الاتفاق الاسرائيلي – الاماراتي رحلة في طريق قطار التطبيع

الاتفاق الاسرائيلي – الاماراتي رحلة في طريق قطار التطبيع

وقعتا إسرائيل والامارات، اتفاقية علنية رسمية في إقامة العلاقات السياسية والاقتصادية برعاية مباشرة من الولايات المتحدة الامريكية، تأتي هذه الاتفاقية بعد أشهر من انطلاق ما أسمته الولايات المتحدة الامريكية بمشروع القرن في إشارة الى توفير الدعم المحلي والإقليمي والدولي لإسرائيل في الحصول على مزيد من المكتسبات وقد بدا هذا المشروع في نقل السفارة الامريكية الى القدس، هذا الاتفاق لم يكن مفاجئ للكثير اذ ان امتدادات التطبيع سبق هذا الاتفاق بفترة طويلة وهناك علاقات قوية بين إسرائيل وعموم دول الخليج ومنها الامارات والسعودية والبحرين وسلطنة عمان، وان هذا الإعلان لم يكن الا اعلان رسمي بهذه العلاقة وبصورة قانونية فيها حق اللزام للطرفين، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن “هذه هي أول اتفاقية سلام بين إسرائيل ودولة عربية منذ 26 سنة، وهي تختلف عن سابقاتها من حيث اعتمادها على مبدأين: السلام مقابل السلام، والسلام من منطلق القوة”.وأضاف أنه “بموجب هذه العقيدة لا يطلب من إسرائيل الانسحاب من أي أراض، وتحصد الدولتان سويا ثمار السلام الكامل والعلني والمفتوح في كافة مجالات الاستثمار والتجارة والسياحة والطاقة والصحة والزراعة والبيئة، وفي مجالات أخرى بما فيها الأمن”. وعند العودة الى اهم بنود الاتفاق نرى انه تضمن مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، هذا البند كأنه يريد ان يعلن عن عودة العلاقة في حين ان العلاقة كانت قائمة، وجاء في الاتفاقية توقف إسرائيل عن خطة ضم أراض فلسطينية بطلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبدعم من دولة الإماراتت، وهناك من يشير الا ان إسرائيل لم تتعهد وتضمن ذلك. كما تضمنت الاتفاقية من انه من المنتظر أن تجتمع وفود الدول الثلاث خلال الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بقطاعات الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والأمن والاتصالات والتكنولوجيا والطاقة والرعاية الصحية والثقافة والبيئة وإنشاء سفارات متبادلة وغيرها من المجالات ذات الفائدة المشتركة.
هذه الاتفاقية اثارت مواقف متباينة بين الرفض والتأييد فقد رفض الأطراف الفلسطينية بصورة كاملة هذا الاتفاق عادة أي اتفاقية تخص فلسطين او اجزاء منها لابد ان يكون برضا وحضور الجانب الفلسطيني، من جانبها رفضت سوريا وايران هذا الاتفاقية وقد حملت ايران بشدة على الامارات مبينه انه أي تهديد تتعرض الى ايران ستتحمل الامارات كاملة المسؤولية في إشارة الى الابعاد الجيوسياسية للطرفي الاتفاق وما قد يثير من تداعيات مستقبلا على الامن القومي الإيراني بحكم الجوار الجغرافي للأمارات وايران كما ادنت أحزاب وقوى لبنانية وعراقية هذه الاتفاقية وهي القوى القريبة من التوجه السياسي الايراني، في حين رحبت دول عربية واجنبية كمصر والسعودية وسلطنة عمان، والبحرين، ورحب عدد من دول الاتحاد الأوربي كذلك بهذه الاتفاقية مشيرة الى انها قد تخفف من حدة التوترات في منطقة الشرق الأوسط، ومن خلال حجم التأييد والرفض يبين مسالة الانقسام الواقع في منطقة الشرق الأوسط وقد لا يكون مقصد هذا الاتفاق هو مسالة انهاء التوتر بين الدولتين اذا المسالة هذه منتفيه بانتفاء الموضوع وانما ابعاده اكبر اذ الاصطفافات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وابرزها المحور الخليجي بقيادة الولايات المتحدة والداعم لإسرائيل والمحور الإيراني وعدد من المنظمات والأحزاب، وكلما زادت قوة احدى المحاور ذهب المحور الثاني الى خيارات التصعيد المقابل وقد تكون تزايد قوى التطبيع العربي في محاولة لكسب اصطفاف القوى الكبرى الى جانبها. وان هذا الاتفاق بداية لاتفاقيات أخرى قد تشمل بلدان البحرين والسعودية وسلطنة عمان، اذ لم تعد قصية الصراع العربي الإسرائيلي تعني لهم شيئا بل تحول الصراع صوب صراعات سياسية إقليمية اعقد، وبالمحصلة ستكون مسالة التطبيع على مستوى الجانب الرسمي قادمة وفي قبال ضمانات تقدمها الراعية في الحفاظ على هذه الأنظمة وامنها القومي وتطوير بنياتها الاقتصادية والعسكرية.