18 ديسمبر، 2024 7:47 م

الاتحادية غير ملزمة بتفسير سابقتها للمادة 76 الخاطئ

الاتحادية غير ملزمة بتفسير سابقتها للمادة 76 الخاطئ

المسلم به وفق علم السياسة او لمن درس النظم السياسية ، ان المطلب الأساس من وراء إجراء الانتخابات هو معرفة من هو الفائز بالاقتراع حال ظهور النتائج النهائية ، اي لمن حصل للتو على أغلبية أصوات الناخبين ، بعبارة أخرى ان الفائز انتخابيا هو من تجاوز الآخرين في السباق لحظة ظهور النتائج ، وهذا بالتحديد ما ذهبت اليه الفقرة الاؤلى من المادة 76 من دستور عام 2005 النافذ، حيث نصت على ..يكلف رئيس الجمهورية ، مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء ، وقصد المشرع الكتلة الفائزة للتو لا الكتلة المكونة من تحالف كتل بعد ظهور النتائج ، لأن هذه العملية ستفقد الانتخابات مضمونها القانوني والدستوري القائمة على الأغلبية الحقيقية للمقترعين أثناء الانتخابات لا بعدها، ولنا في الانتخابات الألمانية التي جرت في أيلول الماضي خير دليل على ما نذهب إليه فبالرغم حصول الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني على أغلبية ضئيلة متخطيا بفارق بسيط تكتل ماركل الذي حكم المانيا لستة عسر عاما ، الا انه صار المكلف بتشكيل الحكومة وله حق الائتلاف مع من يشاء ، لان الانتخابات في فضائها الرحب كانت الفيصل فمن يرأس حكومة الائتلافات ، هو المكلف بعد عملية الفوز ، وهذا هو ما تعلمناه أكاديميا في الانتخابات ودرس النظم السياسية ،
ان المتتبع لكل انتخابات العالم الديمقراطي يرى بأم عينه ان الفائز ( للوهلة الاولى) هو من له الحق في تشكيل الحكومة ، وهذا ما تم الاخذ به ابان انتخابات العراق الاولى عام 2005 ، حيث تم تكليف السييد نوري المالكي بتشكيل الوزارة ، باعتباره مرشح الكتلة الاكثر عددا بتشكيل اول حكومة عراقية منتخبة بعد عام 2003 ، وتلك الكتلة (التحالف الوطني ) كانت مشكلة قبل الانتخابات لا تحت قبة البرلمان وهي عبارة لا مكان لها في الدستور النافذ ، غير ان ما ذهبت اليه المحكمة الاتحادية ( الاولى ) عام 2010 بتفسير المادة 76 كان مخالفا لذات القاعدة التي اعتمدها المشرع ، واشرف على تنفيذها في تشكيل الوزارة المالكية الأولى ، وانها حين قضت بصحة التحالف بعد ظهور النتائج ( وفق هذا التفسير ) قد ابتعدت كليا عما استقر عليه الفقه الدستوري والقاضي بصحة النتائج الانتخابية المباشرة ، كما وانها كونت بذلك سابقة يمكن للمحكمة الاتحادية الحالية التراجع عنها والتسليم بما سار عليه العرف الديمقراطي واستقر عليه القانون الدستوري، والذي أخذت به كل النظريات في علم السياسة .
ان الانتخاب هو تصرف قانوني (تمارسه الشعوب للاختيار المباشر لممثليها ) وهو يقوم على قواعد قانونية مستمدة من الدساتير وان تفسير هذه الدساتير في العالم لا يقوم على مواقف او ضغوط سياسية او حزبية او شخصية ، إنما هو تصرف قانوني يتصدى له كيان قانوني له من الخبرة والكفاءة والنزاهة والاستقلالية بما يمكنه من إصدار أحكام لا تمس جوهر الدستور والقوانين وإنما تسير على هداها وتتعلق باهدابها ، وتعمل على تحقيق مضامينها ، وهذا ما لم توفق فيه الاتحادية السابقة ، واننا لا ندعم بهذا العرض جهة معيينة او نحاول الابتعاد عن جوهر الدستور والقوانين وان كل ما تطلبه تصحيح المسار الذي ترك الباب مفتوحا للتأويلات السياسية وابتعد كليا عما أراده المشرع في المادة موضوعة الخلاف وهذا لا تتحمله الا المحكمة الاتحادية السابقة، ، والصحيح هو ، بالرجوع إلى التفسير القانوني للمادة ، وتجاوز ما لم ينص عليه الدستور ، الا وهي عبارة تحت قبة البرلمان ، لانها كانت مطبا لكل ما يحدث اليوم من مشاكل على الساحة السياسية العراقية….