22 نوفمبر، 2024 2:56 م
Search
Close this search box.

الابعاد الأمنية للأتفاق العراقي التركي

الابعاد الأمنية للأتفاق العراقي التركي

مما لاشك فيه بأن العلاقات الدبلوماسية بين دولة تركيا و العراق شهدت عمليات المد و الجزر نتيجة للظروف السياسية و الامنية التي كانت تشهدها المنطقة بالاضافة الى اطماع كل منهما في لعب دور اكبر من اجل تأمين مكاسب , و ان ظهور الجماعات الارهابية اثر بشكل او بأخر على نمط العلاقات الدولية بشكل عام بين من يكون ضحية لها و بين من هو منهم بتقديم الدعم لها ناهيك عن استعمال هذه الجماعات لتحقيق مأرب سياسية , و يلاحظ في الاونة الاخيرة و لعدة اسباب منها تمركز قوات حزب العمال الكوردستاني في منطقة شنكال و مشاركة قوات الحشد الشعبي في عمليات تحرير الموصل و قربها من الدخول الى تلعفر اتخذت تركيا خطوة مسبوقة لها بانشاء معسكر لقواتها بالقرب من بعشيقة و دعمها لقوات الحشد الوطني (حرس نينوى حالياً) و ان هذا الدخول اثر بشكل سلبي على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الجارين و كان التهديد و الوعود الوعيد لسان حالهما و استدعاء السفراء كانت السمة البارزة للمرحلة السابقة و في خطوة جريئة اعلنت انقرة عن زيارة لرئيس وزراءها (بنيالى يلدرم) على رأس وفد رفيع الى بغداد لمناقشة الملفات العالقة و اعادة الاوضاع الى سابق عهدها بل و زيادة التعاون الامني و الاقتصادي و السياسي و في يوم (7/1/2017) وصل رئيس الوزراء التركي الى بغداد و بعد اجتماعات مكثفة مع جهات و شخصيات عديدة هذه الزيارة التي تحمل بين جناتها ابعاداً امنية و سياسية و اقتصادية و عسكرية انتهت باتفاق بين الطرفين و يشمل الجوانب المذكورة ولكن بيت القصيد هنا هو الجانب الامني و النقاط المحورية في الاتفاق التي تمس الجانب الامني هذا الجانب الذين يتعلق به الامور الاخرى لأن توتر الاوضاع الامنية بين البلدين سيؤثر سلباً على الجوانب الاخرى و من اهم الابعاد الامنية لهذه الزيارة و التي انتهت بزيارة (يلدرم) الى اقليم كوردستان وسط ترحاب يليق بمستوى الوفد الزائر من قبل رئاسة الاقليم و مجلس الوزراء و ان اقليم كوردستان الفدرالي يستفيد من بنود الاتفاق المبرم باعتبار امن الاقليم جزءاً من امن العراق وفق الدستور و القوانين وما يشكل تهديداً لأمن الاقليم فهو تهديد للعراق و من هذه الابعاد :
* يعمل الطرفان على تحقيق الامن و الاستقرار للطرف الاخر و بهذا فانها ربط بين الامن القومي التركي والامن القومي العراقي و عليهما اتباع سياسة امنية ضامنة لأمن الطرف الاخر و عليه فان اية قوة عندما يشكل
تهديداً لأمن الدولة الاخرى على الدولة المقابلة محاربة هذه القوة وكسر شوكة تهديدها و يستوجب تعاوناً امنياً اكثر في الجانب الاستخبارى وبعبارة اخرى أي تامين امن الحدود في الجانبين .
* اعتبار معسكر القوات التركية في بعشيقة معسكراً عراقياً , احد الاسباب المباشرة لتوتر العلاقات بين البلدين كان هذا المعكسر و كان لدولة تركيا اهداف عسكرية و سياسية من وراء انشاءها و ان العراق كان يعتبره تهديداً لأمنه و مساساً بسيادته و لأنه كان خارجاً عن سيطرته و لايتحكم فيه بشيئ و باعتباره عراقياً و بدء الخطوات بالانسحاب منها بعد ما حقق الاهداف المرجوة لتركيا و تأمين مصالحها في الموصل و جعل الانسحاب منه مشروطاً باخراج قوات الحزب العمال الكوردستاني من شنكال و الغريب في هذا السياق بان الجانبان لم يتطرقا الى القوات التركية المتمركزة في اقليم كوردستان لا من بعيد او قريب و كأنها موجودة على ارض دولة اخرى .
* مكافحة الارهاب , من المعلوم بأن الارهاب بات آفة هذا العصر يعاني منها الدول المتقدمة و النامية و البعيدة و القريبة و لايسلم منها احد لأنها لا تعرف الحدود و تختلف اساليبه في القتل و التدمير بين التفجيرات او وضع العبوات الناسفة و التصفيات الجسدية و الحرق و اخيراً الدهس بالسيارات و الدخول الى الاماكن المكتظة بالسكان و فتح النيران عليهم , و يوماً بعد آخر يزداد عدواه وسط اجراءات امنية مشددة و يبدو ان الدولتين قد ذاقا مرارة العمليات الارهابية التي باتت شبه يومية و التي اتخذت بعداً امنياً دولياً فرضت نفسها على الساحة السياسية و يستوجب التعاون الامني لمحاربته لاسيما تبادل المعلومات و تسليم المطلوبين في القضايا الارهابية و التي كان من المفترض وجوده سابقاً لقناعة الدولتين بوجوب التعاون و ان القضاء على الارهاب مسؤولية مشتركة . و ان هذا التعاون يشمل كل المنظمات الارهابية و في هذه النقطة يكمن وراء القصد الحزب العمال الكوردستاني الذي لايزال منظمة ارهابية في نظر تركيا مع العلم بعدم وجود جماعة ارهابية على ارض تركيا يمثل تهديداً لأمن العراق لذا فأن تركيا حققت نجاحاً في هذا المجال و يضطر العراق الى محاربة pkk و اخراجه من شنكال لانه يمثل تهديداً لأمن تركيا القومي و ان العراق ملزم بعدم السماح لأية جماعة ارهابية و هذا مايفتح الباب امام تركيا لأثارة اية مخاوف على امنها من مهاجمة الحشد الشعبي على المناطق التركمانية باعتبارها البعد الامني لامنها القومي في المستقبل .
* الامن المائي ، من المسلم به بان الامن المائي تعني توفير القدر اللازم من المياه لأغراض الشرب و الزراعة و ما الى ذلك و ان ينابيع المياه العراقية (نهري دجلة و الفرات) توجد في تركيا و كثيراً ما استغلتها تركيا لدوافع سياسية و امنية و اقتصادية و شيدت السدود الضخمة على الرغم من وجود الاتفاقيات الدولية و الثنائية بهذا
الشأن فان هذا الاتفاق تحمل بعداً امنياً للمياه الاقليمية بضرورة اعادة التنظيم و زيادة التعاون في ادارة مياه النهرين و المشاريع المائية المشتركة .
* العمل سوية من اجل امن و استقرار المنطقة و محاربة الاستقطاب الطائفي و الاثني , ان مايجري في العراق هي حرب طائفية بأمتياز تحت مظلة محاربة الارهاب و الفكر الداعشي و ان شظاياه عبرت الحدود لتصل الى الدول المجاورة و منها تركيا لذا فالاتفاق على وضع استراتيجية امنية شاملة لتأمين امن و استقرار المنطقة و تحديد العوامل المؤدية الى زعزعة استقرارها و القضاء عليها و خاصة الطائفية المقيتة و هذا يشكل ضمانة للمكون التركماني باعتبارهم بعداً امنياً لتركيا .
و من القراءة الاولية لهذا الاتفاق نرى بوضوح بان المستفيد الاول منها هي تركيا لانها الزمت الحكومة العراقية على محاربة الجماعات الارهابية التي تشكل تهديداً لامنها و ضرورة اخراج قوات حزب العمال الكوردستاني من شنكال و كذلك يعد الاتفاق ضماناً للمكون التركماني في مقابل سحب قواته من معسكر بعشيقة الذي اجاد استخدامها و ان الحكومة العراقية قد خدعت بالعبارات البراقة منها ضرورة وحدة العراق و احترام السيادة في حين لم تعد العراق موحدة و سيادتها ناقصة وقراراتها معدة سلفاً في الغرف المظلمة و نافذة لمناطق دون اخرى وان الايام القادمة كفيلة لظهور هذه الابعاد على ارض الواقع .

أحدث المقالات