27 ديسمبر، 2024 10:05 م

إذا إفترضنا أن مجتمعاتنا لا تزال ملكا صرفا للقوى التي غنمتها في الحرب العالمية الأولى من الدولة العثمانية , فيمكننا فهم الواقع الذي آلت إليه أحوالها ربما بوضوح أكثر.
فتقسيمنا إلى إثنين وعشرين دولة , المراد منه إختصارنا بإثنين وعشرين فرد , أي مهما تكاثرنا وتوهمنا بالتقدم والعمل على بناء دولنا وتطوير مجتمعنا , فالحصيلة النهائية لن تتغير.
فالرقم (22) هو الذي يتحكم بنا , لأنه يحقق مصالح الغانمين القابضين على مصيرنا , وقد إستمر الحال على مدى القرن العشرين.
وفي نهاية ذلك القرن وبداية القرن الحادي والعشرين , وبسبب التطورات الحاصلة في الدنيا وتواصل مجتمعاتها , وفقدان قدرات عزلها عن بعضها , وتفتحها ووعيها وإستشعارها بحقوقها المهضومة , إنطلقت برامج الدعوات الديمقراطية , التي بموجبها , تحققت إنشطارات فائقة في مجتمعاتنا , تحزبية وفئوية ومناطقية وعشائرية , وغيرها.
فتضاعف الرقم (22) عشرات بل مئات المرات , وتحقق إستثمار رائع فيه , عندما صار الدين موضوعا حاسما في الأعداد الجديدة , القابلة للضرب والطرح والقسمة على بعضها بسهولة غير مسبوقة.
فبإسم الديمقراطية إنشطرت المجتمعات , وصارت كينونات تتصادم وترسم الحدود فيما بينها بالدم.
فبدلا من (22) شخص صارت مجتمعاتنا مئات أشخاص وأحزاب تأكل بعضها البعض , بعدوانية سافرة وإندفاعية تدميرية مروعة , فتخربت البلدان وحل الدمار الشامل في أرجائها , وتهدّمت القيم وضاعت الأخلاق , وعمّ الفساد والظلم والإستهتار الفاضح بحقوق الإنسان.
ويبدو أن هذه الإنشطارية ستتواصل في القرن الحادي والعشرين , لإنها تحقق أهدافا كبيرة وتؤمّن مصالح الآخرين بلا خسائر.
فهل سنعتصم بوحدة وطن ودين لكي نخرج من هذا البلاء المبين؟!!