ما من شيء مخلوق إلا وكان له طَرَفٌ مدافع .. والله سبحانه وتعالى أول المدافعين عن حقوق المخلوقات .. الحيّة وغير الحيّة .. الجماد والنبات والحيوان والإنسان والملائكة والجِن ، وإختار الإنسان مكاناً ميزه به الله حين وهبه العقل ليدافع عن مخلوقات أخرى مؤثرة في حياته ومستقبله كالأرض والبحار والهواء والحيوانات والنباتات ، وهناك جمعيات ذات شأن وتأثير سُنَّت لها القوانين وإنتسب فيها أعضاء للدفاع عن مناخ الأرض والتلوث والبيئة والتصدي للأمراض والأوبئة ، وقد تمكن بعض منتسبي تلك المنظمات والجمعيات دخول البرلمان الأوربي كمنظمة السلام الأخضر التي أصبحت حزباً فاعلاً في أغلب دول أوربا ، والضغط والتأثير في القرارات أو القوانين الخاصة بكل ما يؤثر سلباً على ديمومة الحياة ببساطتها وطبيعتها والتقليل والحد من التراكم والإزدياد الكبير والمستمر في مستويات التلوث والإنحباس الحراري وإنقراض كائنات حية تعدُّ حلقةً في دورة الحياة .. الإنسان يُدافع عن الحيوان والنبات والجماد لكنه ينسى أو يتناسى الدفاع عن إنسانٍ آخر !
الكتب السماوية وقوانين ودساتير وتاريخ البشرية كان إهتمامها وحجتها الأولى الإنسان والدفاع عن حقوقه !
لماذا يحدثُ هذا الخراب والتنكيل والقتل والتشريد والحروب بين بني البشر ؟!
الجواب في غاية البساطة لأنَّ هناك عقولاً مريضة تعشق القتل وتهوى مناظر الدماء وتضع الخراب للناس ألحاناً تفتك بهم .. هل أوصانا الله بأن يقتلَ بعضنا بعضاً .. هل أمر الله رسله وأنبياءه بالحقد على الآخرين وإجبارهم على إتباع منطقٍ أو عقيدةٍ بعيدةٍ عن إيمانهم .. أليس من أسماء الله الحسنى السلام والرسل والأنبياء بعثهم الله كي ينشروا إسم الله السلام في ربوع الأرض ويخلّصوا العالم من الظلم والطغيان .. نتوقف هنا كي لا نذهبَ بعيداً .. النازحون فقدوا كلِّ ما يملكون وتركوا ديارهم وإلتجأوا إلى من كانوا يعتقدون أنهم أخوة لهم وهم يتحركون بين حدود دولتهم، وأنَّ حقوقهم كمواطنين في ظروفٍ كهذه لا تنساها هذه الدولة ، فالمواطن واحد .. في عمله وفي بيته وهو في داخل حدود الوطن أو خارجه فهو يحمل الهوية العراقية ..أما في أوقاتٍ كهذه حين يفقد كلَّ شيء فمن الطبيعي أن تولد أمامه خيارات عدة تُفقده روح المواطنة والشعور بالعدالة داخل الوطن الواحد .. لذا فإن ضياع حقوق النازحين كان مكملاً لمعاناتهم وفقدانهم لكل مقومات الحياة من جديد إذا ما جوبهوا من كل مؤسسات الدولة بهذه العدوانية الفاضحة ومسلسل الكذب المستمر لتأمين الإستقرار لهم .. في العراق لاوجود لمنظمات فاعلة أصلاً تدافع عن حقوق العراقيين الضائعة وفقدان وإعتقال وقتل وتشريد آلاف العراقيين وعدم حصول أولياء أمورهم على أمل يريحهم من تساؤلات وشكوك صادقة .. أما القانون العراقي فهو يُطبق بمزاجية واضحة وتباين كبير بين أطراف المجتمع .. وعليه فنحنُ أمام معضلة كبيرة لضياع حقوق النازحين وعدم إستذكارها أصلاً أمام شلل وقصور أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية .. النازحون من مدن الرُمادي لم يفقدوا أموالهم وبيوتهم وأراضيهم ومستقبلهم وحسب ، بل فقدوا الشعور بأنهم مواطنون من العراق ضاعت حقوقهم بين فشل السلطتين وتلاعب مسؤولي المحافظة بتحقيق وعود الإستقرار .. والقانون العراقي لم يحدد مهمات وآلية وأساليب التعامل مع حالات النزوح التي من المفترض أن يعتمد النازحون عليها مستقبلاً ، بل تعليمات تَصدر من جهات رسمية لتنظيم عمل اللجان التي ستتعامل مع النازحين !
ما يزيد الأمور خطورةً في المستقبل وتتفاقم حدة المشاكل والإضطرابات داخل المحيط الواحد ، من هنا فالتوقع بضياع حقوق النازحين منذ الآن وارد جداً بعد الإحباط والمرارة والذل والمعاناة والتضحيات اليومية وعلى مدار الساعة للنازحين المستقرين والّذين ينتشرون في المخيمات وفي مناطق ومدن ودول بعيدة عن مدنهم وأراضيهم .. ومن البديهي أن يُناط الأمر إلى لجان قانونية متخصصة من مجلس النواب ومجلس المحافظة وهما أبعد ما يكونان عن الموضوع فاللجان القانونية في مجلس النواب في عالمٍ آخر وكوكبٍ بعيد عن معاناة المواطنين لأنَّ أعضاءها يخوضون معارك وتصفيات بينهم للحصول على مكاسب أكثر وإنقاذ عصابات الرشوة والمحسوبية وسِفاح الأحزاب والكتل البرلمانية .. أما اللجنة القانونية في مجلس المحافظة فأكيد أنَّ رئيسها وأعضاءها ممن لا يُحسن كتابة إسمه أو لا يعرف معنى كلمة قانون بل يقضي معظم وقته في متابعة شؤونه الشخصية وترتيب أمورعائلته وأعوانه فلا شأن لهم بالأمر .. لذلك أوجه دعوتي إلى الزملاء المتخصصين في هذا المجال من النازحين بتشكيل لجنة غير رسمية تبدأ عملها بالإستفادة من المعلومات المتوافرة ميدانياً وفي شبكة الإنترنت وحفظها لعرضها في المستقبل القريب أمام من يعنيه الأمر ولنبدأ بإسم الله وعلى بركته ..