22 ديسمبر، 2024 11:45 م

البشر موجودات مغشوشة بما يحدد رؤيتها وآليات إقترابها من المحيط الكائنة فيه.
فما يوضع في الوعاء البشري ينضح منه في واقعه , وعندما يكون ما يحويه راكدا تتحقق مأساة التجمد والإستنقاع , فتتمحن الموجودات بما فيها , وينجم عنها ما لا يحمد عقباه , فتموت الأوعية , أي يأكلها الصدأ وينخرها التأسن الرجيم.
الغش فاعل والبشر مفعول به وفيه , وبموجب ذلك تتحرك الطوابير المتوافدة إلى نهر الحياة , وعندما تكتشف أنها كانت مغشوشة يكون الوقت متأخرا , والأحوال لا تنفع معها التمائم!!
فهل علينا أن ننام لنعيش؟!!
فالغش بأنواعه تنويم وتخميد وترويض للتفاعل مع العبث!!
ويبدو أن هناك ميل غامض عند البشر لإتباع ما ينطلق من الكذابين والدجالين والمنافقين , خصوصا عندما يكون الأمر مقرونا بدين , ومنطلقا من عوالم الغيبيات والمجهول المطلق , الذي يعاني منه البشر منذ الأزل.
فالبشر غشاش ومغشوش , وموطن للأكاذيب الممتعة التي تمنيه بما لا يتحقق , لكنها تحلق به في فضاءات الفنتازيا البعيدة , والآفاق المشحونة بأنوار التفاعلات المهووسة بالتطلعات الخلابة المحتوى والبعيدة المنال.
وبموجب ذلك فللكذب أسواق رائجة , فبضاعته مسوقة بمهارات متطورة , وتُجنى من ورائها أرباح كبيرة ومغرية.
فهل أن البشر عندما يتوقد وعيه , يكتشف أنه أعجز عن مواجهة الحياة وتحدياتها , وعليه أن يكون كالمخمور بالأكاذيب والإفتراءات لكي يبحر في مياهها المتلجلجة بالأمواج , والتي تداهمها الأعاصير والزوابع المتوحشة المدى؟
فمن الواضح أن أهم مرتكزات الإعلام المعاصر وآليات بناء الآراء الجمعية , ترتكز على الأكاذيب المسوقة وفقا لتكرارية إقرانية تساهم بترسيخها وتعزيزها في الوعي , فيسقط الناس في مراتعها , ويؤخذون إلى حيث يُراد لهم أن يتوافدوا , ويواجهوا مصيرهم المرسوم والمحتوم.
ترى هل يتمكن البشر من العيش مع الحقيقة؟!!