الواقع الذي نعيشه اليوم في العراق يستدعي تسليط الضوء على بعض القضايا بالغة الأهمية منها ما جرح كرامة وعفة وشرف العراقيين والعراقيات حين حول حلمهم بالتخلص من الديكتاتورية المقيتة الى واقع سياسي واجتماعي وفكري مرير يحتضن المتصارعين مع أمواج القهر والتمييز الإنساني وغياب الحريات ومصادرة الأفكار والاستغلال بأنواعه، هؤلاء العراقيون الذين كانوا يحلمون بالعيش في كنف قوانين وسياسات تحميهم من الضياع وتعمل على حماية حقوقهم الإنسانية بعد تعريفهم بماهيتها وحدودها من خلال أطر قانونية نلاحظهم اليوم قد ذهبت أحلامهم وتطلعاتهم أدارج الرياح حين صدحت أصوات المدّاحين وحناجرهم بتزييف الحقيقة ومحاولة تغيير ما طبع في الأذهان من صورة قبيحة لديمقراطية أمريكا المحتلة وما رفعته من شعارات حقوق الإنسان كذبا لإيهام الشعوب واستغلال معاناتها من الأنظمة الجائرة ..
فقد كان الإعلام المسيس غير المهني من ابرز من عمل لصالح مشاريع الاحتلال وفق مناهج منمقة ومزخرفة غايتها الحقيقية طمس معالم الجريمة الأمريكية بحق الإنسان العراقي لذا كان العمل بكل دقة ونشاط بهدف ذر الرماد في العيون كي لا تتضح الجريمة الكبرى التي ارتُكبت بحق شعب بأكمله من خلال تسخير كل الإمكانيات والقدرات على تقديم مجموعة القوانين المهتمة بالإنسان (ظاهرا) والتي تتشدق بها الولايات المتحدة الأمريكية وكأنها نصوص مقدسة ترعاها وتحرص على تطبيقها دون أن تعطي أية مساحة لإظهار معاناة مئات آلاف من السجناء والمعتقلين من الرجال والنساء الذين تعرضوا لأبشع وأقذر وسائل التعذيب الجسدي والنفسي على أيدي قواتها المحتلة التي تدعي رعايتها لحقوق الإنسان وتتخذ منها رمزا وطنيا وشعارا مقدسا وهدفا ساميا ودون أن يشير إلى حجم الكارثة الإنسانية التي تسببت بها الممارسات الوحشية لتلك القوات التي لم ترع أية حرمة للإنسان العراقي فراحت تقتل دون رحمة كل ما يمكن أن يكون تحت مرمى نيرانها حين اجتاحت العراق معتبرة إن كل ما يتحرك أمامها هدفا لنيرانها ..
فسقط الأطفال صرعى في ساحات لعبهم وتناثرت أشلاء أمهاتهم حين فزعن لاحتضانهم وسقط الشيوخ تحت ركلات جنود الاحتلال المتعطشين لدماء العراقيين وأودع مئات الآلاف في السجون والمعتقلات وتعرضوا بشكل روتيني لمعاملة قاسية ووحشية جدا وهذا ما تشهد له العديد من التقارير لمنظمات حقوق الإنسان حين سجلت حالات كثيرة جدا عن عمليات تعذيب منظمة يقوم بها الجنود والضباط الأميركيون والبريطانيون ما افقد العديد من السجناء ، الذين اعتقلوا بالأساس لمجرد الاشتباه حسب ادعاء الاحتلال نفسه ، افقدهم القدرة على العمل والحركة الطبيعية نتيجة هذا التعذيب والأغرب انه حين يطلق سراح البعض منهم يجبر على التوقيع تنازلا عن كل حقوقه !!
هذا يعني انه وفقا لقوانين حقوق الإنسان (الأمريكية) فان مجرد الاشتباه كاف لاعتقال العراقي أو اختطافه ليودع في زنازين الاحتلال ويقع تحت رحمة مرتزقته الذين استقدمهم وتعاقد مع بعضهم لاستنطاق المعتقلين وانتزاع اعترافاتهم بصورة وحشية عكستها وقائع سجن أبو غريب ومشاهد التنكيل بكرامة المعتقلين وشرفهم دون التفريق بين النساء والرجال وكأن قوانين وتشريعات حقوق الإنسان غير قابلة للانطباق على الإنسان العراقي ..
فأية ازدواجية معايير في تطبيق وتفسير القوانين تسير وفقها الولايات المتحدة الأمريكية ؟؟!! فهي تتعامل بانتقائية وتنظر بعين واحدة ولعل أوضح مصاديق ذلك ما نلاحظه من إصرار على توفير أفضل وسائل التأمين والراحة لمواطنيها حين يواجهون أحكاما بالسجن في دولة ما بينما لا يوافقون على تنظيم عملية زيارة للمعتقلين العراقيين بشكل طبيعي من قبل ذويهم وفي نفس الوقت يفسحون المجال لبعض المنظمات الإنسانية الغربية كما يسمونها لمتابعة بعض الحالات ولكنها في الواقع لا تعدوا كونها ممارسة إعلامية فقط للتغطية على بشاعة تلك الجرائم ..
ما أردت إيصاله للقارئ النبيه ان رعاية حقوق الإنسان من قبل أمريكا المحتلة والأنظمة الخاضعة لتوجهاتها ما هي إلا كذبة في تأريخ الإنسانية وسلاح يستخدم ضد أبناء الشعوب المقهورة خصوصا حين يجبر الإنسان تحت ضغط وسائل الإعلام المأجورة للعيش في ثنائية الجلاد والمنقذ الوهمي فيُمهد الطريق طواعية لوضع الأغلال في عنقه دون دراية ومعرفة بحقيقة الزيف والدجل الذي يحيط بمنظومة الحقوق التي أصبحت المبرر لنشر ثقافة الغرب والباب الواسع الذي ينفّذ من خلاله سياساته ..
وها هي قوات الاحتلال قد خلفت وراء حملتها العسكرية الهادفة لحماية حقوق الإنسان العراقي من تسلط الدكتاتورية على حد زعمهم مئات الآلاف من القتلى المدنيين وأعدادا كبيرة من الأرامل وجيشا من الأيتام إضافة إلى الكوارث الاجتماعية والأخطار التي أصابت كيان الأسرة والمجتمع العراقي بفعل تداعيات الاحتلال والقتل والتدمير المستمر ..
لذا كانت مواقف العراقيين الشرفاء واضحة ومبدئية ومستمرة في رفض الاحتلال قبل عام 2003 والى الآن ، ومما يثير الانتباه ان العراقيين قد خرجوا واحتجوا بعد صلاة الجمعة التي أطلقوا عليها عنوان ” مدربون وشركات أمنية استمرار في انتهاك حقوق الإنسان ” في 23 / كانون الأول / 2011 بعد اثنتي عشرة جمعة سبقتها منذ نهاية أيلول الماضي التي خرجت في معظم محافظات العراق في العاصمة وغيرها وتأت هذه التظاهرات والاحتجاجات رغم الانسحاب الأمريكي نهاية هذا العام في محاولة للفت الانتباه إلى أن العناوين والإشكال الأخرى للاحتلال من مدربين وشركات أمنية هي استمرار لانتهاك حقوق الإنسان وتكملة لما قام به الجيش النظامي الأمريكي والشركات الأمنية الموجودة بالأصل في العراق .
بغداد
http://www.youtube.com/watch?v=J8qTPEJ8FFc&feature=player_embedded
كربلاء
http://www.youtube.com/watch?v=nUrVOy0GyZc&feature=player_embedded
القادسية
http://www.youtube.com/watch?v=rx2HtUB3Ur8&feature=player_embedded
البصرة
http://www.youtube.com/watch?v=5Smohxc–pg&feature=player_embedded
[email protected]