إنحط: تدهور , فسد , هبط , رخص , إنخفض , خضع.
دوامة إنحطاط تعصف بوجودنا منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وما قبلها بقرون , والبعض يرى أنها بدأت منذ (1258) ميلادية , وقد بلغت ذروتها في بداية القرن الحادي والعشرين , ولا تزال تتأجج لتحيل مدننا إلى ركام , وأجيالنا إلى كينونات متماحقة تسير على سكة الإنقراض والإبادة الشاملة لما يدل عليها.
وتجدنا أمام مأزق لا مثيل له , خلاصته أن الآتي لا يضاهي الماضي بجماله وروعته , وكتابات الحنين إلى الزمن الجميل تسود المواقع والصحف , وكأن الأمة تتدحرج إلى الوراء بسرعة تفوق سرعة الصوت.
وتصلك عبر وسائل التواصل الإجتماعي صور عن مدننا قبل عقود وعقود , لتثبت بأنها أجمل بكثير مما هي عليه الآن.
فالخدعة الممررة أن دول الأمة مستقلة وذات سيادة , والحقيقة المغيبة أنها لا تزال من غنائم الحرب العالمية الأولى , وأنظمة حكمها معينة من قبل القابضين على مصيرها , ولا يوجد نظام حكم مستقل في دولها منذ تلك الحرب وحتى اليوم.
وهذا يفسر عدم تقدمها كما ينبغي , ولماذا يكون المواطن فيها بلا قيمة وحقوقه مسلوبة , وثروات البلدان ترقد في بنوك الدول التي تعود إليها ملكية دول الأمة.
ولا تزال معظمها بلا قدرة على تقرير مصيرها , وتديرها أنظمة حكم موظفة لدى الدول المالكة لها , وبعضها تدير الأمور بالوكالة إلى حين , وجميعها يتوجب عليها أن تنهب وتستحوذ على الثروات وتتقاسمها مع أسيادها , ولهذا لن تجدوا فيها قوانين تنظم توزيع الثروات النفطية وغيرها , وحكامها بأنواعهم يعيشون في ثراء فاحش , ويعطون لأنفسهم حق التصرف بثروات البلاد والعباد , ولا يجوز مساءلتهم عن أي شيئ.
ولا توجد حركة أو حزب أو فئة في ربوعها دون موافقة من قبل الدول المهيمنة , فكل ما يجري في ديار الأمة مخطط له ومبرمج , وقد تدرب المنتمون إليه أو المنفذون له , ودفعت لهم أجورهم , وتوفر لهم ما يعينهم على تنفيذ المهمة.
ويأتي في المقدمة التسليح , فمجتمعاتنا أصبحت وستكون مسلحة بالمجان من قبل الذين يؤهلون عناصر الهدف لتعمل لصالحهم , وهذا ما يجري في العديد من الدول , ويبدو أن الفكرة ستتطور , وسيحقق أبناء كل دولة أهداف الطامعين بهم.
وربما ستتحول أو قد تحولت العديد من الأحزاب والفئات إلى مرتزقة , تقوم بإرتكاب جرائمها الفظيعة المدفوعة الأجور مقدما.
وهكذا سيتولى أمر بلدان الأمة المرتزقة المأجورون , والطامعون في غاية السعادة والإمتنان , وهم يرددون “نارهم تاكل حطبهم”!!
فإلى متى يبقى الإنحطاط قائدنا؟!!
د-صادق السامرائي