عاهة متميزة ومساهمة بإنزال أفدح الخسائر والتداعيات في الأجيال المتعاقبة , والمقصود بها التفكير الساذج البسيط الذي يعلل الحالات القائمة بأسباب خارجة عنها , ويعطل الإرادة والعزيمة والقدرة على بناء الحاضر والمستقبل.
والإنحرافية تطغى على العديد من التفاعلات والتخاطبات ما بين أبناء المجتمع وعلى كافة المستويات.
ومن الأمثلة تداول مقالات ورسائل مصورة خلاصتها , أن الدول الكبرى قررت في بداية القرن العشرين أن يكون العرب كذا وكذا , ووفقا لما نظروا وقرروا تسير الأمور , وهذا سبب ما آل إليه العرب !!
وفي خضم هذه الرسائل المتواصلة ينهض سؤال وأين الإرادة العربية؟!!
إن هذه الرسائل تريد القول والتأكيد على أن الأمة ميتة والآخرون يقطعون أوصالها كيفما تقتضي مصالحهم ومشاريعهم وآليات تصارعاتهم مع القوى الأخرى!!
مما يعني أن العرب لا ناقة لهم ولا جمل بما يحصل لهم ويتأكد بديارهم!!
فهل هذا صحيح؟!!
ولنأخذ أمثلة على ما تقدم ونقارن إنحرافيتنا بها , فبعد الحرب العالمية الثانية إنتهت ألمانيا إلى ألمانيتين , لكن الشعب أطلق إرادته الفولاذية وصمد وكافح حتى أسقط جدار برلين بعد بضعة عقود وعادت ألمانيا دولة واحدة لا شرقية ولا غربية.
وحاولت القوى الكبرى شق فيتنام إلى نصفين لكنها عجزت عن ذلك وبقيت فيتنام واحدة .
والعديد من القوى حاولت تمزيق الصين لكنها فشلت وصارت الصين دولة واحدة ذات قوة فائقة.
والمنطقة العربية لا تختلف عن أية منطقة ذات قيمة ستراتيجية وتحوي مصادر للطاقة , فهي دائما مستهدفة والعديد من القوى تسعى للإستحواذ عليها , وأبناؤها عليهم أن يتسلحوا بالحيطة والحذر والإعتصام بعروبتهم وكينونتهم الإجتماعية المتلاحمة الضامنة لمصالحهم المشتركة , وعليهم أن يكونوا يدا واحدة ولديهم موقف واحد تجاه المخاطر المحيطة بهم.
لكن الواقع الأليم أن العرب يستسلمون ويحسبون ما يدور في ديارهم مقدرا وحتميا ولا يمكنهم أن يغيروا الحال , وإنما عليهم أن يستعذبوا المقاساة والحرمان والقهر أملا بحياة سعيدة في الآخرة.
ويتحقق ترسيخ المفاهيم الموتية والعدوانية على الحياة وتسفيهها وتفريغها من قيمتها ومعانيها , حتى تحول العرب إلى موجودات منزوعة الإرادة خانعة تابعة ترفع رايات ” هو” وما أدراك ما ” هو”!!
فهل سنعيد النظر بآليات تفكيرنا لكي نكون مع شعوب الدنيا المعاصرة؟!!