يستغرب البعض ، وخصوصاً المسؤولين من أصحاب القرار والمتضطلعين والمؤثرين في الشأن العراقي والمتحكمين بالمشهد السياسي عموماً ، من الإنتقادات السلبية الكثيرة والمستمرة التي يوجهها العديد من الكتاب بإختلاف توجهاتهم ، بإستثناء بعض الكتاب من ذوي المصالح الذاتية والمنتفعين منها ، تتناول أداء السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في العراق وتوجيه الإنتقادات اللاذعة على دور وأداء معظم الشخوص ، مهما كانت ، وفي جميع المواقع والتي تضطلع بإدارة شؤون البلد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ” من وراء الكواليس ” . ومعظم الإنتقادات التي توجه الى الطبقة الحاكمة ومن ورائها لها ما يبررها من وقائع وأحداث وأثباتات موضوعية ومنطقية . ونادراً ما يصعب على الكاتب ، توخياً لمبدئ الموضوعية على الأقل ، أن يبرز الإنجازات والجوانب الإيجابية المتحققة والواعدة للمجتمع العراقي عموماً لجميع أفراده وفئاته ومكوناته منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن والى أمد زمني مستقبلي متوقع . والسبب في صعوبة إبراز الجوانب الإيجابية وتسليط الضوء عليها يعود الى عاملين هما غياب أو ضعف الحجج والتبريرات المنطقية التي يمكن أن تقنع المواطن بتلك الإنجازات من ناحية ، وكثرة الدلائل المعاكسة التي تدحض صحة أو منطقية تلك الجوانب أو الإنجازات الإيجابية . وهنا ينبغي الإشارة الى أن الإنتقادات الموجهة الى السلطة الحاكمة بكياناتها وشخوصها مهما كانت قاسية ولاذعة يجب أن لا تخرج عن أصول الكتابة الموضوعية والمهنية التي تضمنتها حرية التعبير عن الرأي وأن تكون بعيدة عن إستخدام أساليب التعبير الرخيصة من إستخدام تعابير وكلمات غير أخلاقية التي ترفضها مبادئ الكتابة النقدية الحرة .
عند متابعة الشأن العراقي من جميع جوانبه منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن ، وما تم إنجازه على مختلف الأصعدة السياسية والأقتصادية والإجتماعية ، نجد بإن أهم الجوانب الإيجابية التي تمخضت عنها التجربة ” الديموقراطية حديثة الولادة ” في العراق تتمحور حول تحقق مساحة لا بأس بها من حرية التعبير عن الرأي للمواطن العراقي عموماً بمختلف أشكال التعبير سواء عن طريق الكتابة أو التظاهر السلمي أو من خلال وسائل التواصل الإجتماعي أو الحوارات في وسائل الإعلام المرئية وغيرها . وهذا من أهم مبادئ التقدم والتطور والتحضر للمجتمعات التي تسعى الى تحقيق المستقبل الواعد . إن مساحة الحرية في التعبير عن الرأي في العراق ، وإن كانت ليست بنفس المستوى المتعارف عليه في المجتمعات الديموقراطية الحقيقية ، إلا إنه إنجاز كبير ومهم تحقق في العراق ويفتخر به خصوصاً وإن هذه التجربة حديثة على العراقيين من بعد خضوعهم لنظام ديكتاتوري شمولي فردي لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن غاب خلالها أي مبدأ أو مفهوم لحرية الفرد للتعبير عن آرائه . طبعاً إنه إنجاز كبير وعظيم لا يجوز لأي كاتب أن يقلل من شأن ذلك بالرغم من إن هذه الحرية المهمة مقيدة نوعاً ما ببعض القيود التي تتعارض مع المبدأ الأساسي للحرية . مثلاً لو ذهب أحد الكتاب بتوجيه إنتقاد لاذع لشخصية مهمة حسب تقييم البعض كونه سياسي مهم بمرتبة ” تاج رأس ” أو كونه رجل ديني مهم بدرجة ” تاج رأس ” أو كونه شخصية ذاتية أو معنوية مهمة بدرجة ” تاج الرؤوس ” لربما يتعرض هذا المنتقد الى الإنتقاد أو الإنذار أو التهديد أو الإغتيال . مع ذلك يبقى الجانب الإيجابي للحرية هو السائد مقارنة بالجانب السلبي .
هذا كل ما يمكن إيجاده من جوانب إيجابية للتجربة العراقية في ظل حكم الأحزاب الإسلامية منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن . وأرجوا من أي شخص في الحكم أو خارجه أن ينبهني عن أي إيجابية أخرى تحققت في العراق خدمت المجتمع والمواطن العراقي من كافة النواحي لكي أبحثها بموضوعية وإدراجها ضمن الإنجازات الإيجابية للسلطة في العراق ، وإلا سوف أدرج في مقالاتي القادمة الإنجازات السلبية التي تحققت في العراق في ظل حكم أحزاب الإسلام السياسي ومقارنتها بالإنجازات الإيجابية الأخرى إن وجدت .