23 ديسمبر، 2024 12:25 ص

الإنتماء وصراع الإنتماءات

الإنتماء وصراع الإنتماءات

على مر الأزمان ، كانت الصراعات الجماعية ( أي الصراع بين جماعة وجماعة ، أو قوم وقوم ) غالباً ، صراعات شخصية أنانية زعاماتية . أي أن مصالح الزعامات كانت هي سبب تلك الصراعات ، أو أنها كانت توظف تلك الصراعات لمنافعها الذاتية ؛ وربما كانت الجماعة هي أيضا تحصل على بعض المنافع ، حسب الظروف .
الصراعات الجماعية كانت مظاهر أو أدوات للصراعات الشخصية الزعاماتية للزعماء الذين كانوا في الغالب يفتقدون إلى الكفاءة والخيرية والنزاهة ، صنعتهم العوامل الوراثية أ أوالعادات والتقاليد أو اللعبة الواقعية والسياسية وطبيعة الظرف والمجتمع .
وكل إنسان عاقل يعرف أن من لا يكون إنسانا خيِّراً مريدا للخير لجميع الناس بمختلف انتماءاتهم ، لايمكن أن يريد الخير لجماعته أو قومه ؛ فالأناني الإنتهازي يمارس الأنانية والأنتهازية عادة مع الأقربين أولا ، بسبب السهولة ومتطلبات الواقع والواقعية .
وإذا كان الأناني الإنتهازي قياديا ، فإنه سوف يستخدم التابعين له ومجتمعهم كأدوات ووسائل لتحقيق منافعه الشخصية ومنافع حاشيته ، وإن كانت تلك الجماعة ربما تحصل على بعض المنافع العرضية الصغيرة ، كلعبة سياسية واقعية تفرضها الظروف وواقع الحال ! كما قلت !
وإذا كان الأنتماء إلى الإنسانية فطريا ، فإن الإنتماء الجماعي أو القومي انتماء نفسي اجتماعي ( سايكو سوسيولوجي ) طارئ ، تصنعه الظروف وطبيعة الصراع والمغالبة ! لكن هذا الأنتماء الذي يتم اللجوء إليه ليكون سببا للخير والمصلحة والأمان الجماعي ، يصير بفعل الفاعلين الكبار سببا للشر والصراع والأنانية والضرر ، من داخل الجماعة وخارجها .
وإذا كان الأنسان ينزع إلى الإنتماء إلى جماعة أو قوم لتحقيق متطلبات الحياة والعيش والأمان ، فإن ذلك لا يعني أن يتأسس ذلك الإنتماء على أسس خاطئة مثل مشاعر العداء والكراهية والسخرية تجاه الآخرين الذين قد تجمعهم مع الجماعة انتماءات ومشتركات أخرى مثل الدين والمجتمع والحياة والمكان أو الوطن !
ويزداد الأمر سوءا عندما يكون الإنتماء الحاقد الساخر زائفا ومظهريا وغير حقيقي ، كغطاء للأنانية والأنتهازية .
وعندما نرى أن الذين يحملون مشاعر الكراهية والسخرية تجاه الآخرين لم يقدموا لمجتمعهم أو قومهم ( قوميتهم ) أية خدمة أو خير ، بل ربما تسببوا في تضييع حقوقها ، وتخلفها في كل المجالات ، وتكثير وترسيخ الأخطاء والمساوئ والسلبيات في المجتمع الذي ينتمون إليه !