18 ديسمبر، 2024 11:00 م

الإنتخابات مهلكة العرب!!

الإنتخابات مهلكة العرب!!

ليس عدوانا على الديمقراطية أو ضدها , وإنما لتوضيح حقائق قد تغيب عن الأذهان أو تحجبها الغفلة وماكنة الإعلام النزقة المشحونة بالإنفعالات , والخالية من الموضوعية ومن الأدلة , والمجانبة للحقيقة والمنهمكة بالأضاليل والإفتراءات والتمريرات المطلوبة.
فما أروع الديمقراطية الحقيقية وما أجمل الإنتخابات المسؤولة الواعية!!
لو تذكرون إنتخابات الجزائر في العقد الأخير من القرن العشرين , وما آلت إليه من دمارات وحروب شرسة بين أبناء الوطن الواحد , والتي منها ترشحت إستنتاجات وخطط ومنطلقات , خلاصتها أن الإنتخابات يمكنها أن تكون من أروع أسلحة التدمير الشامل للقضاء على العرب.
وقد إنتهت إلى ما إنتهت إليه في العديد من الدول العربية , كما في العراق الذي لو تقرأ إنتخاباته لوجدتَ ما يرافقها من تفاعلات حامية وتداعيات دامية قبل وأثناء وبعد إجرائها , والأدلة واضحة وبينة لكل عاقل حصيف , بعيدا عن آضاليل الإعلام وأبواق الكراسي ووعاظها.
والإنتخابات هي التي شطرت الفلسطينين فأوصلتهم إلى ما هم عليه اليوم , وفي مصر كاد سيناريو الجزائر أن يتكرر لولا يقظة القوات المسلحة وهبتها المباغتة , وفي اليمن جرى ما جرى , ولبنان فيها عِبر ودروس , وتونس التي تُحسب الأنضج سلوكيا فأنها تعاني وتقاسي من أمور عديدة يُراد الإستثمار فيها لإحداث الوقيعة , لكن الوعي الشعبي لا يزال أقوى وأقدر.
والمشكلة العظمى في المجتمعات العربية هو عدم إستيعاب أن الأحزاب المتأدينة لا يمكنها أن تبني دولة ديمقراطية , لأنها لا تؤمن بالديمقراطية أصلا ولا بالوطن قطعا , فجوهر معتقداتها مبني على التطرف والأحادية والإيمان بإمتلاكها الحقيقة لوحدها , والآخر أما معها أو ضدها , وبسبب ذلك فأنها تساهم في تحويل الدول إلى جحيمات سقرية فائقة الخراب والدمار.
والأدلة ساطعة في العراق وليبيا واليمن , ودول أخرى كادت أن تتمكن فيها تلك الأحزاب المناهضة لأبسط مبادئ وقيم الحرية والحياة المعاصرة , التي تحترم قيمة الإنسان وحرية تفكيره وعقله.
وفي جميع التجارب الإنتخابية التي جرت في الدول العربية يبرز إلى السطح هؤلاء المدّعون بأنهم يمثلون الدين , ويبدؤون مسيرة الفتك بالوجود العربي وتفصيله على مقاساتهم السوداء الحمقاء فينتشر العدوان والعداء , وتتحول الأيام إلى أنفاق داجية ظلماء.
ومن أهم الخطوات المطلوبة لبناء ديمقراطي حقيقي وصالح للحياة هو إلغاء جميع الأحزاب التي تسمي نفسها دينية , فالدين لا علاقة له بالديمقراطية لا من بعيد ولا من قريب , أما إذا بقينا نغمض عينا ونفتح أخرى , فلن نحصد أفضل مما حصدنا , لأن العقلية ذاتها والفئوية هي السائدة والمتمكنة من الرؤى والتصورات والمحددة للسلوك والتوجهات.
فلا إنتخابات في زمن الفئوية والأحزاب المؤدينة المدعية بالسياسة , وما هي إلا توابع للحية وعمامة عمياء صماء بكماء وتحسب أنها تعرف الدين والحياة , وهي الغارقة في فتاوى ما بين حانة ومانة , فهذه هي رسالتها الحمقاء , وكل إدعاءٍ سواها هراء.