23 ديسمبر، 2024 10:21 ص

الإمام محمد الجواد والحكمة في العمل

الإمام محمد الجواد والحكمة في العمل

الإمام محمد ابن موسى ابن جعفر ابن محمد ابن علي ابن الحسين ابن علي ابن ابي طالب عليهم السلام، وكنيته أبو جعفر ، وألقابه المختار ، المرضي ، المتوكل ، المتقي ، الزكي ، التقي ، المنتجب ، القانع ، المرتضى ، والجواد .
أمه تدعى درة ، ويقال لها سبيكه وريحانه ، وكانت نبوية وتكنى أم الحسن وسماها الرضا عليه السلام الخيزران ، وكانت من أهل ماريه القبطية أم أبراهيم ابن رسول الله (ص) ، وكانت من أفضل نساء زمانها وأشار إليها النبي (ص) بقوله : بأبي ابن خيرة الإماء النوبية الطيبه .
لما ولد الجواد عليه السلام قال الرضا عليه السلام لأصحابه:(( قد ولد لي شبيه موسى ابن عمران فالق البحر وشبيه عيسى بن مريم قدست أم ولدته قد خلقت طاهرة مطهرة )) ،.
ان سيرة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام تمثل السيرة الحقيقية للاسلام بعد عصر الرسول (ص) ، ودراسة حياتهم تكشف لنا عن صورة مستوعبه لحركة الإسلام الأصيل الذي أخذ يشق طريقه إلى أعماق الأمة ووجدانها بعد أن أخذت طاقتها الحرارية تتضاءل بعد وفاة الرسول ( ص) ، فأخذ الأئمة يعملون على توعية الأمة وتحريك طاقتها باتجاه إيجاد وتصعيد الوعي الرسالي للشريعة الإسلامية ولحركة الرسول (ص) وثورته المباركه ، وحفلت حياتهم بأنواع الجهاد والصبر على طاعة الله وتحمل جفاء أهل الجفاء حتى كانوا أعلى أمثلة الصمود لتنفيذ أحكام الله تعالى ، ثم اختاروا الشهادة مع العز على الحياة مع الذل ، حتى فازوا بلقاء الله سبحانه بعد كفاح عظيم وجهاد كبير ، وتجسدت في شخصية هذا الإمام العظيم كسائر آبائه جميع المثل العليا والأخلاق الرفيعة التي تؤهل صاحبها للامامة الرساليه والزعامه الربانيه ، حتى شغف المأمون به لما رأى من فضله مع صغر سنه وبلوغه في العلم والحكمة والأدب وكمال العقل مالم يساوي فيه أحد من مشايخ أهل الزمان ، فزوجه ابنته أم الفضل وحملها معه إلى المدينة ، حتى قال فيه لما اعترضوا العباسيون عليه قال : (( ويحكم اني اعرف بهذا الفتى منكم ، وأن هذا من أهل بيت علمهم من الله ، ومواد ه والهامه ، لم يزل أباؤه أغنياء في علم الدين والأدب…….)) ، ومن الأمور التي اهتم بها الإمام هي خدمة الناس ودعوتهم إلى الإسلام المحمدي الأصيل وكسبهم إلى أهل البيت عليهم السلام، وهذا يعكس أهمية هذا الأمر وفضله في الإسلام كما يكشف عن توجهه عليه السلام لكسبهم بطريقة علمية وهدايتهم ، وتحقيق عزة الإسلام والمسلمين من خلال المواقف والتحركات الحكيمة التي تضمن الوصول إلى الهدف المطلوب على احسن وجه ، ومن هذه النماذج التي تحرك بها الإمام في الميادين التي كان يتوخى منها إعداد الأمة وطلائعها أعدادا رساليا ،ومنها البناء العقائدي في شخصية الإنسان المسلم ، أراد الإمام الجواد عليه السلام ان يعلم شيعته ضرورة اعتماد الحكمة في العمل ومراعاة عامل الزمن في اتضاح الأشياء فللامور دورات زمنية ينبغي أن تمر بها حتى تكتمل ، هكذا تكتمل الأمور بالحكمة والموعظة الحسنة، والمروءة ، والمساواة، والتوحد ، من كل هذه الصفات لقد امتزجت دماء التاريخ والاصالة والجهاد بدماء الكفاءة والإيمان والعقيدة والسير بخطى أهل البيت واعتماد النخبه الشبابية ينتج لنا مشروع وطني متمسك بثوابته العقائدية منفتح على الجميع ليؤسس لعراق جديد قادر أن يكون رقماً صعباً في كل المعادلات والحسابات القريبة والبعيدة .لقد لمسنا وبجلاء من خلال السطور المتقدمة صرحاً عاليا ومثالاً راقياً من الحكمة والسياسة والدقة العقلية والمواقف القيادية ، ما يتيح لنا أن ندرس ونتمعن في شخصية الإمام الجواد (ع) وأن نقف إجلالاً أمام عظمة وسمو منزلته ، فيحق لرؤوسنا أن تُطأطأ ولأقلامنا أن تنكسر احتراما وتعظيما وهيبة له عليه السلام .