18 ديسمبر، 2024 8:16 م

الإمام علي خلافة الإنسان ..وسلطة السلطة

الإمام علي خلافة الإنسان ..وسلطة السلطة

كان الإمام علي (ع) متواضعاً بسيطاً يقطرمن جوانبيه نكران الذات متسامح محب للآخرين ,بقي على ثوابته ومبادئه رغم الانعطافات التي مرت به ,وكيف قست عليه الدنيا بأن تأتي بأدعيائها ومن لاحسب ولا نسب لهم حاملين معهم أمراضهم النفسية التي يصعب علاجها ؟أبتلي علي بقوم لم ينفع معهم أي إحسان ومعروف قابلوه بإساءة ومكروه ,ثم جاءته خلافة المسلمين وهو القائل عنها {أنها لا تساوي شسع نعل إما أن اقيم حقاً أو أدفع باطلاً } فزادها أيثاراً وزهداً ,كيبراً وعميقاً في بساطته وحبه للناس,أعطائهم حرية التفكير والرأي ,والسماح لمعارضيه بممارسة النقد لخلافته (الخوارج) شرط أن لا يتجاوزوا على حقوق المجتمع وسلمه الأهلي ,ثم يقول لمن قاتله في معاركه رغم آوج محنته {أخوتنا في الدين بغوا علينا } ,هو علي لم تتغير أخلاقه ولم يبدل نهجه وخطه سواءاً كان في سدة الحكم أو لم يكن به,فخمسة وعشرون عاماً هو بعيد عن السلطة ,وعندما آل أليه أمر الخلافة لم تضف له شيء بل أضاف لها مرتكزات إنسانية تمثلت بتحقيق العدالة الأجتماعية للمواطنين دون النظر للزنهم وهويتهم وانتماءاتهم ,وأنصافهم من الظلمة والمتجبرين الذي كان لهم بالمرصاد ,وللضغفاء سداً منيعاً وحصناً قوياً ,ومحاربته ظاهرة الفوارق الطبقية والفوقية التي انتشرت بشكلاً واسع في الأمة وعلى وجه الخصوص توزيع المال ,فقد جاءه عاصم بن ميثم وكان الإمام يقسم الاموال فقال: يا أمير المؤمنين اني شيخ مثقل,فقال الإمام:{والله ما هي بكد يدي ولا بتراثي عن والدي ولكنها امانة اوعيتها} مخاطبا الزبير وطلحة حينما كبر عليهما منهاج المساواة في العطاء (.. فوالله ما انا واجيري هذا الا بمنزلة واحدة),الكثير من الذين أتخذوا من علي منهجاً لهم في طريق حياتهم تغيروا كثيراً عندما وصلوا للمنصب وجثموا عليه ثم جثم عليهم فطوقهم بمغرياته فأصبحوا عبيداً له مطيعين لأوامره لا يعرفون المعارضة والممانعة لأي شيء يطلب منهم دون خطوط حمراء وضوابط تمنعهم وتردعهم ,لماذا يرفعون من أسم علي شعاراً لهم وأفعالهم لا تمت بصلة لتاريخه وتراثه المشرق الزاهر ؟ من باعوا نفسهم للكرسي تناسوا جراحاتنا والآلآمنا وتنصلوا عن وعودهم وعهودهم التي قطعوها للمستضعفين برفعهم وأنصافهم مما لحق بهم من غبن ,وأعطاء كل ذي حقٍ حقه, لقد مارسوا نهج الكبرياء والغرور والعلو لمن أوصلوهم لما وصلوا أليه والنظر لهم بطبقية بعد أن كانوا يتحدثون في مجالسهم عن المساواة ووضع الأمور في نصابها الصحيح عندما يؤول لهم الزمان والمكان فيكونوا قادرين متمكنين من القرار,فتهيأت الاسباب في اللطف الالهي وجاء لهم القرار صاغراً يتوسد بين أيديهم ليأخذ مكانه الحقيقي بعد غياب طال عقود من الزمن والمعاناة ,فكان الاختبار صعباً في التطبيق فنحرف عن المسار الذي أريد له .