الإمام العباس عليه السلام حامل اللواء وبطل الطف المختار بين الشجاعة والاصطفاء الإلهي

الإمام العباس عليه السلام حامل اللواء وبطل الطف المختار بين الشجاعة والاصطفاء الإلهي

عرف العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام بشجاعته غير الاعتيادية فهو حامل راية قائد الثورة الإمام الحسين عليه السلام في واقعة الطف الأليمة والعباس الذي كان يتصف بكل صفات القيادة المنضبطة كان شامخاً حاملاً للراية بكل ما يملك من القوة الجسدية والنفسية والرمزية فقد التزم بكل ما قاله له قائد ثورة الفتح أبو الأحرار الحسين عليه السلام على الرغم من مصرع إخوته قبله استمد العباس وإخوته شجاعتهم من شجاعة وعقلية والدهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أشجع العرب بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن تربية أمهم السيدة فاطمة بنت حزام بن خالد بن دارم الكلابية المعروفة بأم البنين التي ربت أبناءها على حب آل البيت والإخلاص لهم تقول المصادر التاريخية التي استندنا إليها من المكتبة العباسية المقدسة من وحدة التأليف والدراسات التي أعدها السيد جعفر الموسوي إن إخوة العباس عددهم أربعة ومع أخيهم العباس عليه السلام يصبحون خمسة وقد أجمعت المصادر المعتبرة والمراجع القديمة والمهمة على تحديدهم بالأربعة وقد استشهدوا جميعاً مع أخيهم الإمام الحسين عليه السلام في طف كربلاء في العاشر من محرم سنة إحدى وستين هجرية وأمهم السيدة الجليلة أم البنين

أما عن سر تسمياتهم فقد ذكر السيد جعفر الموسوي أن أسماءهم بحسب ترتيب الولادة هي العباس عبد الله عثمان جعفر وكان للوحي مدخل في تسمية أولاد أمير المؤمنين من السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام حيث سماهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من وحي السماء حسنا وحسينا ومحسنا أما علي عليه السلام فقد حقق مبتغاه في تسمية أولاده من غير الزهراء عليهم السلام بأسماء من أحبهم واعتز بهم فسمى العباس باسم عمه العباس بن عبد المطلب وكنّاه بأبي الفضل وسمى عبد الله باسم عبد الله والد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكنّاه أبا محمد وسمى جعفر باسم أخيه جعفر ذي الجناحين وكنّاه أبا عبد الله أما عثمان فقد سمّاه باسم الصحابي الجليل عثمان بن مظعون وكنّاه أبا عمرو إحياءً لذكر هؤلاء الأخيار الذين مثّلوا القيم النبيلة والبطولة والوفاء استشهد العباس عليه السلام وله من العمر أربع وثلاثون سنة واستشهد عبد الله وعمره خمس وعشرون سنة واستشهد عثمان وعمره إحدى وعشرون سنة واستشهد جعفر وعمره تسع عشرة سنة وقد ورد أن العباس عليه السلام عندما رأى كثرة من قُتل قال لإخوته من أمه تقدموا بنفسي أنتم فحاموا عن سيدكم حتى تموتوا دونه فتقدموا جميعاً فصاروا أمام الحسين عليه السلام يقونه بوجوههم ونحورهم فحمل هانئ بن ثويب الحضرمي على عبد الله فقتله ثم حمل على أخيه جعفر فقتله أيضاً ورمى يزيد الأصبحي عثمان بسهم فقتله ثم خرج إليه فاحتز رأسه فأتى عمر بن سعد فقال له أثبني فقال له عليك بأميرك يعني عبيد الله بن زياد فاسأله أن يثيبك وبعدهم بقي العباس عليه السلام يقاتل دون الإمام الحسين يميل معه حيث مال حتى استشهد رحمة الله عليه أما تميز العباس عليه السلام فقد اعتبره الشيخ ماجد الجبوري المشرف على حوزة الإمام الجواد عليه السلام تميزاً إلهياً فقد قال عندما تبرز بعض الأسماء والشخصيات على المستوى التاريخي فلا بد من أن تكون هناك مميزات واستعدادات وإنجازات استحقت بها أن تبرز وتظهر وتنال تسليط الأضواء إعلامياً فإن كانت تلك الشخصية إلهية فقد تحقق بها هذا الاستعداد إضافة إلى الهبة الإلهية التي وسعت دائرة الظهور ليصبح ظهوراً مقدساً ومعصوماً لمن كان استعداده كذلك وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم نماذج من هذا الاصطفاء كما في قوله تعالى عن مريم عليها السلام واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً وكذلك قوله تعالى وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين وكذلك قوله لموسى عليه السلام وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى وقد تكرر هذا المنطق الإلهي في اختيار الأنبياء وأولي العزم بحسب استعدادهم وصبرهم وأخذ الميثاق منهم فلا يكون الاصطفاء الإلهي منحصرًا في البعد الظاهري البشري بل يتعداه إلى البعد الباطني الروحي إذ يكون هناك استعداد وعمل وإخلاص إلى جانب التسديد الإلهي والوحي الذي يجعل التميز حكمة في الاختيار لبلوغ الغاية والمراد وفي واقعة الطف كان هناك من بلغوا هذا الاصطفاء أمثال الحر وزهير وجون وغيرهم ممن استحقوا ذلك بالاستعداد والتضحية والإخلاص وكان العباس عليه السلام أحد أبرز هؤلاء حتى على مستوى الأقربين نسباً من المعصوم كعلي الأكبر عليه السلام فقد بلغ العباس عليه السلام مرتبة سامية بحمله للواء وكانت له مقدمات منذ طفولته حيث ربي في حجر أمير المؤمنين عليه السلام الذي رأى فيه ذلك الاستعداد فكان له مقام متميز عن بقية إخوته حتى جاء يوم الطف فصار التميز والاختيار إلهياً عبر المعصوم الحسين عليه السلام

وكما اصطفى الله تعالى مريم عليها السلام والأنبياء أولي العزم اصطفى العباس عليه السلام فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً

يا قمر بني هاشم يا سليل البطولة والعزة يا من سميت بالفضل فكنت أهلاً له خلقاً وفعلاً يا من جسدت معاني الفداء والإخلاص في كربلاء كنت راية الثورة الحسينية ودرع الإمام وسند المستضعفين مضيت شامخاً رغم العطش والجراح وخلدك التاريخ مقاماً لا يضاهيه إلا مقام الشهداء الخلص سلام عليك يا أبا الفضل يوم ولدت ويوم استشهدت بين يدي أخيك ويوم تبعث حياً فسلام على العين التي سالت دفاعاً عن الدين وسلام على الكفين اللتين قطعتا وما خانتا عهد الولاء وسلام على القلب الكبير الذي لم يعرف إلا الحسين إماماً وغاية ورضاً .

أحدث المقالات

أحدث المقالات