تزامن هذا العام “2014” ذكرى إعلان حقوق الإنسان العالمي في العاشر من كانون الاول, مع ذكرى أربعينية الإمام الحسين في الثالث عشر من كانون الاول “ميلادي” والعشرين من شهر صفر “هجري” فهو قائد اكبر ثورة في التاريخ الإنساني اختزلت من خلالها صفوة رسالات الرسل والأنبياء طالب بإرساء العدل والمساواة واحترام الإنسانية وحقوقها ,هذه ثورة اشتغلت عليها الماكنة الإعلامية لتفريغها من محتواها الإنساني الرافض لظلم والتعدي على حقوق الإنسان الذي مارسته حكومات الطغيان الأموي التي امتازت بالظلم وسفك الدماء ومحاربة الثوار , لكنها باءة بالفشل وتكسرت
أدواتها أمام عنفوان وشموخ الثورة والناس التواقة للحرية والحب المفرط لقائدها ” الإمام الحسين” و ازدادا صدها وتوسع مع زيادة الوعي والانفتاح المعرفي لثقافات العالم, لذلك نرها اليوم اكبر مناسبة يشهدها العلم الإسلامي والعربي ويشهد إحيائها الكثير من الجاليات العربية والإسلامية وصدها في أوربا وأمريكا واغلب بلدان العالم لما تركته من اثر بالغ في تغير مسار الحقوق الإنسانية وإعادتها الى نصابها الإلهي
أكتسب الإنسان الحقوق منذ الخليقة فهي ليست منحة من احد، ولا وليدة الحداثوية والفلسفة التنويرية كما يدعي البعض، هي حقوق ملزمة بحكم مصدرها الإلهي، لا تقبل المزايدة ,ومن هنا نتوصل إلى أن الحقوق والحريات تنتزع ولا تمنح في زمن الأنظمة الجائرة “سئل النبي محمد (ص): أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حق عند سلطان جائر” وهذا بالضبط ما فعله الامام الحسين عندما عرف بان سياسة الإسلام المتبعة في زمن الرسول التي تحترم حقوق الانسان قد أصابها انحراف عن مسارها في زمن الدولة الأموية التي استباحة الانسانية و سلبت الحقوق والحريات واعتدت على الممتلكات
و عبثت بمقدرات البلاد ,
فقد كان الشخصية التي يعول عليها تغير النظام لما يتمتع به من سيرة حسنة وقدرة على القيادة وموقع وانحدار اجتماعي وسياسي , فقد اغترفها من معين رسالة وسياسة جده رسول الله التي أحدثت تغير في بنية بيئة جافة اتسمت بالبداوة والعادات والتقاليد الجاهلية , فقد كان الامام يتعامل مع الكل على اساس الانسانية على خطى مقولة أبيه الإمام علي (الانسان صنفان اما اخا لك في الدين او نظير لك في الخلق) اذن هو شخصية دينية واجتماعية وسياسية ورائده لحقوق الانسان .تحمل مسؤولية هذه الفكرة وحولها الى الثورة وهو على يقين بانها ستكلفه حياته وهذا قمت الجود
والكرم والحس الثوري, وكما يقول العرب(والجود بالنفس اسمى غاية الجودي), أعلن الثورة على الظلم والطغيان وقدم خلالها اروع ايات التضحية والفداء في معركة غير متكافئة مع جيوش الطغيان والظلم والفساد, فقد سار بأهلة واصطحب بالنساء والاطفال لينظم الى الجيوش المنتفضة التي تنتظره و تطالبه بعلان الثورة على الظلم والطغيان وإرساء الحقوق التي غيبت في زمن جده رسول الله والخلفاء الراشدين,
واستمر بالثورة رغم تخاذل اغلب الجماهير التي بايعته, وأول ما قدم أولاده وأخوته قرابين ثم اصحابه للإرساء هذه الثورة ليثبت للأجيال بانه ثار من اجل ارساء الحق وليس السلطة ويترك عنوان كبير يشكل انعطافة في مسار الإنسانية بعد ان حطم القيود وكسر هواجس الخوف عند الجماهير,اليوم ونحن نعيش نفحات عبير ذكرى هذه الثورة التي رسمت حقوق الإنسان لا يمكنا القفز على جانبها الثوري والإنساني واستعادتها الى حق الإنسان ونعيش جانبها المأساوي فقط , فالحسين امام وقائد ورائد لحقوق الإنسان ويحتاج العالم الاسلامي بشكل عام نحن العراقيين بشكل خاص
بالسير على خطاه اذا ما أردنا الإصلاح في أنظمتنا.