23 ديسمبر، 2024 5:48 ص

الإمامُ الكاظم يُحذِّر العراقيين من الهلاك

الإمامُ الكاظم يُحذِّر العراقيين من الهلاك

قال عليه السلام: قل الحق، وان كان فيه هلاكك , فأن فيه نجاتك ، ودع الباطل وان كان فيه نجاتك، فأن فيه هلاكك…
يقدم لنا الإمام عليه السلام منظومة أخلاقية متكاملة بخصوص التمسك بالحق وترك الباطل، الهدف منها بناء شخصية الفرد ليكون عنصرا فعالا ومنتجا، لما في قول الحق وترك الباطل من أثار ونتائج على السلوك الفردي والجمعي، وقد بين عليه السلام النتائج المترتبة في قول الحق وترك الباطل وهي النجاة، وفي قول الباطل وترك الحق هي الهلاك، ولعل الهلاك الذي لازم البشرية منذ نشأتها هو بسبب ابتعادها عن تلك المنظومة التربوية التي طرحها الإمام عليه السلام، والتي يقرها العقل، وتؤمن بها الفطرة السليمة، وتنادي بها الإنسانية، وكل الأيديولوجيات الإصلاحية: يقول “تشي جيفارا”: إن الحياة كلمة وموقف , الجبناء لا يكتبون التاريخ , التاريخ يكتبه من عشق الوطن وقاد ثورة الحق وأحب الفقراء.
الحق والباطل مفاهيم شاملة، ولها مصاديق وتطبيقات متعددة فالحق يرمز الى كل ما هو خير، والباطل يرمز الى كل ما هو شر، ولأن المجتمعات في الغالب تنصلت عن قول الحق، وتمسكت بالباطل تعرضت للهلاك والواقع خير شاهد ودليل ، فما تحتاجه البشرية وخصوصا في هذه المرحلة التي وصل فيها الهلاك الى ذروته القصوى، هو ان نعود الى تلك المنظومة التربوية الشرعية العقلية المنطقية الفطرية الحضارية الإصلاحية، من أجل النجاة والعيش بسلام ورفاهية ووئام،
وهذا يتطلب وعيا ثابتا وإرادة قوية وإصرار مستمر، بعد أن يتحرر الفرد من قيود التبعية العمياء، والعبودية للذوات، ويخرج من ظلمة الجهل، الى نور المعرفة، ومن دائرة الأنا، الى افق التفكير بالصالح العام والإيثار، وقول الحق ولو على النفس، وكل الإنتماءات والمصالح الضيقة، والوقوف مع صاحب الحق مهما كان انتمائه، وترك الباطل والوقف بوجه وإن كان صادرا من أقرب المقربين، فلا يصح إختزال الحق في جهة معينة والباطل في غيرها، ونكون أمة ازدواجية يسيطر عليها التملق والتواطؤ والتمييز والطبقية والواسطة، وينبغي أن يكون قول الحق وترك الباطل عامل قوة وتوحد لا مصدر تشرذم وخصام!!، من اجل رفع الظلم والحيف دون كلل أو ملل يقول احد المصلحين: واما رَفْعُ الظُلْمِ والحَيْفِ والقَهْرِ فاِنَّنا لا نَفتُرُ ولا نَكسَلُ عنه بل نبقى نُحاولُ ونعملُ ونُجهِدُ انفسَنا من أجلِ تحقيقِه ، وليس الغرضُ منْهُ المصلحةَ الشخصية والفئوية بل من أجلِ كل العراقيين وكل المظلوميات وكل المظلومين ، فمظلوميتُنا واحدة وقضيتُنا واحدةٌ ووطنُنا واحدٌ، فاِنَّنا شعبٌ واحدٌ ،
فقول الحق وترك الباطل ، يدفعك إيمانُك الصادق لكي تقولها، بكل ثباتٍ وإباء، تُشعرك بأنَّك حر في زمن كَثُرَ فيه العبيد، حيث انطلقت من ضيق العبوديَّة لباحة الحريَّة .