23 ديسمبر، 2024 1:47 ص

من يقول ان هناك انفراج طائفي وعودة تدريجية الى حضن الوطن فهو مخطيء، ومن يدعي ان فترة الحرب ضد داعش والارهاب بصورة عامة وحدت الصف العراقي فهوأيضاً مخطيء بدرجة ما.
نظرية (الانصهار)أو(البوتقة) بمواجهة عدو خارجي وداخلي مثل داعش،والتي كان من المؤمل ان ينجو من خلالها الشعب العراقي بكل مكوناته لوتم تطبيقها على ارض الواقع،هي الاخرى تفلت من بين ايدي العراقيين كسابقاتها من الفرص الضائعة التي تم التفريط بها على مدى السنوات الفائتة .
غياب الحلول وعدم جدية الاطراف السياسية بوضع خارطة طريق تنقذ الوطن،هي الاخرى غائبة،عدم وضوح الصورة الحقيقية للمشهد السياسي العراقي يمهد للإنزلاق مرة أخرى نحو احضان الطائفية .
غياب الدور الرقابي والتشريعي يمنح فرصة اكبر لغير الفائزين والفائزين بأنتخابات برلمانية مشكوك بنتائجها لترتيب صفوفهم طائفياً وتشكيل جبهات سياسية عابرة لأحضان مباديء ومفاهيم الوطنية .
رغبة اقليمية في ان يتوحد السنة في كتلة واحدة والشيعة في كتلة واحدة ،يساعد على ظهور حالة اكثر شدة من الاصطفاف الطائفي ألا وهي الإلتصاق الطائفي .
معظم القوائم التي شُكلت قبل الانتخابات على اساس وطني،والتي تَوقعتْ انها عبرت الانتخابات بقائمة وطنية ضمت العربي السني والعربي الشيعي والكردي والتركماني ، تجد نفسها اليوم في مأزق كبير، ومرغمة على العودة من جديد إلى فضائها الطائفي الضامن .
القائمة الوطنية التي يتزعمها اياد علاوي، معرضة للإنشقاق والتشتت،اكثر من نصفها يتجه نحو تكتل سياسي جديد يسمى المحور،يعتقد السنة هو الضامن الوحيد لهم كنتيجة لعدم المبالاة من الطرف الشيعي الذي ينشغل حالياً في حل خلافاتهُ الشيعية الشيعية،مؤجلاً وغيرمكترث بمبادرات الجانب السني في هذا الوقت، على اساس ان التعامل مع السنة اصبح اسهل من السابق ويمكن إرضائهم بحصص ترضي طموحات البعض من القيادات السنية المجربة .
قائمة النصر التي شكلها العبادي وراهن عليها الكثير من انها ستخلق حالة وطنية جديدة قد تغير طبيعة وسلوك التكتلات السياسية،فشلت هي الاخرى.فرسانها من السنة والشيعة يناورون ويحاورون منفردين مع الجميع للحصول على حصة لا تضيع تعبهم ضمن فضائهم الطائفي.
دعونا نبحث عن أسباب عدم إستطاعت الكتل السياسية الخروج من شرنقة الطائفة والانخراط ببناء أساس وهيكل وطني يمهد الطريق لسنوات قادمة من العمل الوطني. حقيقةً لا توجد اسباب جديدة يمكن الاشارة اليها لتشخيص الخلل في البناء السليم والصحيح للجسد العراقي السياسي ،غير تلك الاسباب المتعارف عليها والتي ورثها العراقيون من حقبة السنين الماضية. ما يحدث اليوم في المشهد السياسي هو ردة فعل تجاه تمسك جميع الاطراف الفائزة بمرجعياتها لانتاج رموزها للمرحلة المقبلة .
وما يؤَشر اليوم ايضاً،هو ظهور حالة بدأت تتأصل في قاموس تشكيل الحكومات العراقية،ألا وهي الخوف من الاخر،وعدم الثقة بما يطرح من الاطراف المتنافسة،وكخيار أخير اللجوء الى الالتصاق الطائفي الذي يجده الكثير الملجأ الأمن في مرحلة فقدان الشريك الوطني،يضاف اليه إستهانة الطرف القوي ( الشيعي) ببقية الاطراف السنية واعتبار الامور محسومة مسبقاً معهم من جهه أخرى.
بالنسبة للطرف الاقوى لا يمكن لبقية الاطراف ان تمارس نفس وسائل الضغط التي كانت تُتبع عند تشكيل الحكومات السابقة،ومحاولةالتركيزعلى إقناع الجانب الكردي الذي بدوره سيؤثر على الجانب السني الذي يمر بأضعف حالاته .

مرحلة جديدة في أدبيات تشكيل الحكومات العراقية تعتمد على نظرية الحكومة للأقوى وعلى الجميع الأنتظار .إن لم ينتبه لها صناع القرار العراقي فالنتائج ستكون سيئة،وتفقدنا فرصة التعلم من الدروس المستنبطة .