إقترن الكرسي بإسم “الله” مع تسلم المعتصم للخلافة بعهدة من أخيه المأمون , الذي حجبها عن إبنه , ربما لعذاب الضمير الذي أصابه بسبب مقتل أخيه الأمين!!
والبعض يرى أنه توسم فيه الشجاعة والقدرة على إخماد الثورات التي عجز عن القضاء عليها , كحركة بابك الخرمي.
ومنذ ذلك الحين وأسماء خلفاء بني العباس ترتبط بإسم “الله” , حتى آخرهم.
قبل المعتصم بالله , كان السفاح , المنصور , المهدي , الهادي , الرشيد , الأمين والمأمون , فثامنهم إقترن إسمه بالله وتواصل الخلفاء من نسله , وما كان الرشيد يخطر على باله أن المعتصم المدلل بإسراف سيكون خليفة!!
وكأن معنى هكذا إقران أنهم وضعوا الله في الكرسي , فأصبح الخليفة ممثله وصوته , ومَن يخالفه يكون كافرا بالله , وعليه أن ينال عقابه الشديد واوله القتل.
فالخليفة يترجم إرادة رب العالمين على عباده أجمعين.
السمع والطاعة قانون , والنقد وإبداء الرأي جنون , والمدح والتبجيل فنون , ولابد للتأريخ على مشيئته يكون , فاكتبوا ما يرفع من شأن الخليفة المَصون , وإن خالفته فهو كالحمأ المسنون.
كلهم يمثلون الله , وغيرهم من أتباع الشيطان الرجيم , ولكي تكون من الصالحين , عليك أن تراهم حاكمين , وعلى العباد متسلطين , وبهم تتقرب زلفى إلى رب العالمين.
عجائب سلوكية تسببت بتداعية مأساوية , فتحول الخلفاء إلى رموز مجمدة في أوعية الكراسي , وبإسمهم يتحكم غيرهم بالأناسي , فانتقلت صرامة الإنتماء , إلى حواشي الإبتلاء.
ولهذا أصبحت الخلافة من ورق , وفي الدولة دول ودول , حكّامها يفعلون ما يشاؤون , وفي خطبهم للخليفة يذكرون , وهكذا تكالبت الأعداء وتسيّد الغباء , وإنتهى عهد الخلفاء , وما عاد الله رفيقهم بعد الفناء.
فهل حقا أجادوا الحكم بإتقان أمين؟!!
د-صادق السامرائي