23 ديسمبر، 2024 12:02 ص

الإفتراس المُشرعَن!!

الإفتراس المُشرعَن!!

القوى الكبرى مفترسة الطباع وسلوكها متكرر ومتواصل منذ قرون , ومن الأمثلة أنها عقدت مؤتمر برلين عام (1884) لتقسيم أفريقيا , في حينها صارت الكونغو من حصة بلجيكا , وإعتبرها ليوبولد الثاني ملكه الشخصي , وفعل ما فعل فيها حتى قضى على عشرة ملايين من أهلها (1885 – 1908). ومن المعروف أن الهند خضعت لبريطانيا (1700 – 1940).
ومعاهدة سايكس بيكو (16\6\1916) التي قسمت دول الأمة إلى كينونات ليسهل إفتراسها , وتوهمت الأمة بأنها للتقسيم وحسب , وتناست أنها وسيلة للإفتراس , فالوحوش في الغاب تأكل أهدافها فرادا.
وبموجبها صارت فلسطين من أملاك بريطانيا فأصدر وزير خارجيتها بلفور وعده في (2\11\1917).
ومنذ إنطلاق الإتفاقية ومسيرة الإفتراس متنامية ومبرمجة , وأمضت دول الأمة القرن العشرين تطارد أوهام الوحدة والحرية والقومية وأخواتها , وكل ما فيها يتشظى ويتقطع إربا إربا.
فما عرفت دولها السيادة , والقانون والدستور , وإنمحقت قيمة الإنسان , وفقدت قدرتها على إطعام نفسها , وتحولت إلى عالات على الآخرين في كل شيئ.
ولا يزال الإفتراس متواصلا وبأساليب وآليات معقدة ومتطورة ومخادعة , وذات نظريات سلوكية وقدرات تدويخية , تجعل من الهدف قوة ضد ذاته وموضوعه.
ومعظم دول الأمة مفترَسة , ومَن يحاول التحرر من مخالب وأنياب المهيمنين على وجوده , يُواجَه بالمصدات والتفاعلات التي تستنزف جهوده وتهدده بالزوال.
فما أكثر العقبات والمطبات والتشوّهات الرامية للنيل من الإرادات المتطلعة للحرية والكرامة الإنسانية.
ومن أفظع الأدوات المُسَخَّرة للإفتراس , إستعمال الدين كوسيلة للتضليل والتغفيل , ولتمرير الأجندات الفتاكة اللازمة للقضاء على المجتمعات وسرقة ثرواتها , ووضعها في أوعية مضطربة قابلة للتسخين المبرمج.
إن الفهم المنحرف لمعاهدة سايكس بيكو من أهم الأسباب التي أودت بواقع مجتمعات الأمة , وجعلتها تتوحل في موضوعات لا تجدي نفعا , بل تُراكم ضررا وتداعيات مريرة , لأنها تعطل العقول وتؤجج العواطف والإنفعالات السلبية المطلوبة لتأمين الوصول للأهداف المرسومة.
وتظل معظم أنطمة الحكم تدور في ذات الدوامة الفارغة , المستحضرة للويلات والنكسات والخسائر الجسيمات.
فإلى متى تبقى الكراسي على تل المآسي؟!!
د-صادق السامرائي