7 أبريل، 2024 3:20 ص
Search
Close this search box.

الإعمار والإكدار!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

الإعمار وإعادة الإعمار بهلوانية عربية سمجة تكررت في الواقع العربي منذ تأسيس دوله , ولازالت إسطوانتها تدور وحبائلها تجور في دوائر مفرغة من الأباطيل , التي تنطلي على الأجيال المتعاقبة وهي تضرس من الحرمان , وأصحاب الكراسي متخمون ببطونهم وأرصدتهم وما إستحوذوا عليه من ممتلكات الناس.

فلا يوجد إعمار في مشرق بلاد العرب , إلا في بعض دول مغربها العربي , وفي دول الخليج التي ربما ستؤخذ إلى ميادين الخراب والدمار الذاتي والموضوعي.

فلو تناسينا القرن العشرين وتأملنا ما جرى منذ بدايات القرن الحادي والعشرين , لتبين أن الخراب كرؤية وسياسة وسلوك هو السائد , أما البناء والإعمار فهو الغائب ولا يكون إلا وسيلة للنهب وسرقة الأموال , ولو بحثنا سنجد المئات بل الآلاف من المشاريع الإعمارية في بعض البلدان العربية , التي من المفروض تنفيذها وصرفت أموالها لكنها لم ترَ الحياة ولم يعرفها الناس , وعندما تتساءل عنها تتوافد إليك الأعذار والتبريرات والتسويفات والفتاوى والأحاديث والآيات , وما يمكن إستحضاره من مهارات التضليل والخداع والتغفيل.

فالسلوك السائد أن الواقع العربي يعيش في مضطربات وأعاصير إنقلابية بمسميات متنوعة ومتعددة , وهدفها الأول الذي تشترك فيه جميعا أنها تخرّب وتدمّر وتهجّر وتحيل الأرض إلى يباب , فكل مَن يأتي يمحق ما بناه سابقه ثم ينادي بإعادة الإعمار , وأكثرهم يختلقون حالات ومبررات تستدعي الدمار والخراب والنيل من الحياة والزرع والبشر.

وجميعهم ينادي بإعادة الإعمار والإعمار , وكأنها لعبة سياسية مهينة تهدف لمزيد من الدمار والسرقات والإستحواذات , وما رأت الأجيال تعميرا ولا عرفت سوى أن مدنها تتخرب وديارها تتدمر , وكل مدينة قد تحولت إلى ركام , ولايزال المدمرون والمخربون ينادون بالإعمار.

ولو نظرنا إلى مدن المجتمعات الأخرى لوجدنا أنها تمضي في مسيرات الإعمار المتراكم المتواصل عبر الأجيال بتكاتف الجهود وتفاعلها , فكل جيل يساهم بجهده وأفكاره وإرادته بالبناء , ولهذا فهي مدن جميلة زاهية متباهية بكيانها العمراني والبستاني.

وعندنا الأجيال متناطحة تسعى للفتك ببعضها والنيل من وجودها , فهذا يبني وهذا يخرب , ومدننا عبارة عن كينونات ورقية تتبدل معالمها وفقا للإنقلابات والمتغيرات السياسية الخالية من الحس الوطني والغيرة الوطنية والجاهلة لقيمة العمارة وخصائص المدينة , وتتمتع بأمية تأريخية وثقافية وحضارية مروعة , ومسكونة بالأضاليل والأحقاد والإنتقامية والأباطيل اللاهوتية والعقائدية , التي تعادي الحياة والجمال وتدعو إلى الموت والقهر والجور والظلم والفساد.

فالعمران لا تحققه أموال الدنيا بأجمعها إن لم تتوفر النفوس والعقول والإرادات الوطنية المخلصة الغيورة الحريصة على البلد والمواطن , والتي تمتلك ذوقا حضاريا وحسا إنسانيا وثقافة ذات معاني وقيم سامية مؤزرة بأخلاقيات حياة وبناء وإرتقاء وإيمان بمستقبل أفضل.

والعمران تنجزه الإرادة الواثقة بنفسها المؤمنة بشعبها وبقدراته على العمران والبناء.

فهل هناك مَن يؤمن حقا بالعمران والحياة الوطنية الحرة الكريمة المعاصرة , أم أنها ألفاظ وخطب جوفاء , فالإناء ينضح ما فيه , وما حوله يُبديه , وما يبدو رؤية خراب ومنظور فساد ومنطوق دمار وإحتراب وثقافة إنتهاب , فعن أي إعمار يتحدث المتحدثون؟!!

فعمّروا النفوس بالفضائل والخيرات والأمان , لكي يبدو ما حولها عامرا بالبنيان!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب