الدين قد يتحول إلى وسيلة لإعماء البشر وتغفيلهم وتضليلهم وتغييب وعيهم , وإصابتهم باالغثيان وعدم القدرة على مواجهة التحديات والإنزواء في القبور.
أي دين يكون عرضة للإصابة بأمراض متوطنة مزمنة مستعصية على العلاج , والوسائل التي تروّج للإمراض بالدين هم تجار الدين بأنواعهم , الذين يستعملونه لتمرير بضائعهم الفاسدة , وتحويلها إلى مواد صالحة للإستعمال , والتداول والتفاعل والإمتهان.
ويقوم تاجر الدين بتسويق الأضاليل ومنطلقات الخداع والبهتان , ويغوي الناس ويغفلهم , ويدفع بهم إلى مراتع القطيع فيأخذهم إلى مهاوي الردى والغياب المقدس في تراب الوعيد.
وهذه الإفتراءات الغيبية المنغمسة بالدين تؤجج العواطف , وتصنع المتاريس اللازمة لتأمين التقوقع في داخلها , والتحول إلى عقارب وعظايا تنفث سموما , وتزدري غيرها ومَن يخالفها ولا يسير على دربها ويتمثل خطاها.
وقد تندحر أجيالٌ تلو أجيال في أنفاق الويلات والتداعيات , مستلطفة ما يصيبها من الإنهيارات والنكبات القاسيات.
ولماكنة التجهيل والترويع دورها في دفن البشر في تراب الأوهام والخرافات اللازمة لإستعباده , وحرمانه من إعمال عقله وتأمين مسيرته الواعية فوق التراب , فمعظم المصابين بالعماء يمرون على الدنيا كالأموات , ويتحركون فيها كالروبوتات التي تبرمجها الإرادات الفاعلة فيها , والمصادرة لعقولها , والمجمدة لوجودها , والمجندة لسلوكها , للوصول إلى نوازع ورغائب النفوس الأمّارة بالمساوئ , المتقنعة بالفضائل والساميات , وهي من نسل شيطان رجيم.
ويبدو أن الدين من المبتكرات التي أوجدها البشر للإسترقاق , فهو القوة التي تساهم بإمتلاك وتسخير الآخرين لخدمة فرد , وتأمين الخنوع والتبعية والتقليد والإمتهان بإسم معبود عظيم.
والمجتمعات المبتلاة بسلطة الأوهام والهذيانات التمويتية اللازمة لتبهيم الناس , تتحرك بلا هدف وتتساقط في هاويات سقر وفقا لبرمجتها لتسعى إلى حتفها بنفوس راضية , وأوهام هادية إلى سوء المصير , وحُداتها يتنعمون بالدنيا وربما ينكرون ما بعدها , فأفعالهم تدل على ما فيهم أكثر من أقوالهم المخادعة النكراء.
فهل سيستفيق البشر من ظلمات التجهيل وتدمير العقول؟
وهل لديه الجرأة على إعمال العقل , وعدم إستعارة عقل المتسلطين عليه؟