28 أبريل، 2025 10:30 م

الإعلام والمواطن: نحو شراكة فاعلة

الإعلام والمواطن: نحو شراكة فاعلة

في هذا المقال، سنلقي نظرة على أبرز محتويات الفصل الأول من كتاب “العلاقة بين الإعلام والمشاركة المدنية في السياقات الاجتماعية المعاصرة”، الذي كتبه  كل من مونا بيكر وبوليت بلاغارد.

يمكن اعتبار الإعلام والمواطن عنصرين أساسيين في أي مجتمع ديمقراطي، حيث يساهم الإعلام في توفير المعلومات الضرورية للمواطنين حول الأحداث والقضايا الراهنة، ويعمل كأداة للرقابة على السلطة، مما يعزز من الشفافية ويساعد في مكافحة الفساد. من جهة أخرى، يلعب المواطن دورًا فاعلًا من خلال الانخراط في النقاشات العامة والتعبير عن آرائه، مما يعزز المشاركة الديمقراطية.

لكن هذه  العلاقة  تواجه تحديات عدة، مثل انتشار الأخبار الكاذبة والرقابة التي قد تفرضها الحكومات على وسائل الإعلام، فمن الضروري أن يتعاون الإعلام والمواطن لضمان وجود مجتمع واعٍ ومبني على الحقائق. فبينما يؤثر الإعلام على وجهات نظر المواطنين، يمكن لهؤلاء أيضًا التأثير على الإعلام من خلال مشاركتهم الفعالة ونقدهم البناء.

تنهض وسائل التواصل الاجتماعي بدور حيوي في العلاقة بين الإعلام والمواطن. فهي تسهل الوصول السريع إلى المعلومات من مصادر متعددة، مما يعزز الوعي العام، كما تتيح هذه المنصات للمواطنين التعبير عن آرائهم والمشاركة في النقاشات، مما يرفع من صوتهم في المجتمع.

وتساهم وسائل التواصل في نشر الأخبار بسرعة وتتيح التفاعل المباشر مع الإعلاميين وصانعي القرار، مما يعزز الشفافية والمساءلة. ومع ذلك، تواجه هذه الوسائل تحديات مثل انتشار المعلومات المضللة وصعوبة التحقق من المصادر.

يمكن تعزيز مشاركة المواطنين في وسائل الإعلام المواطنة من خلال عدة استراتيجيات متكاملة، تركز على التمكين، والتدريب، والحماية القانونية،  والتشجيع الثقافي، وذلك عبر ما يلي:

تمكين المواطنين: ثقة المواطنين بقدرتهم على التأثير والتغيير من خلال وسائل الإعلام المواطنة، وهذا يتطلب قصص نجاح واضحة، ودراسات حالة تُظهر أثر هذه المشاركة.

تعزيز الشعور بالانتماء:ضرورة خلق بيئة تشجع على الشعور بالانتماء والمشاركة،  حيث يشعر المواطنون بأن أصواتهم تُسمع وأن آراءهم تُؤخذ بعين الاعتبار.

توفير الأدوات اللازمة: توفير الأدوات والتقنيات اللازمة للمواطنين للمشاركة بسهولة وفعالية،  بما في ذلك الوصول إلى الإنترنت،  وتدريب على استخدام البرامج والمنصات الرقمية.

ورش عمل ودورات تدريبية: تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية تُعلّم المواطنين كيفية استخدام وسائل الإعلام المواطنة،  وكيفية إنتاج محتوى فعال وجذاب،  وكيفية نشر هذا المحتوى بشكل آمن وفعال.

برامج إرشادية:توفير برامج إرشادية لمساعدة المواطنين على تطوير مهاراتهم في مجال وسائل الإعلام المواطنة،  وتقديم الدعم الفني والتقني لهم.

حملات توعية:  تنظيم حملات توعية لتشجيع المواطنين على المشاركة في وسائل الإعلام المواطنة،  وتوضيح أهميتها وفوائدها.

تشريعات داعمة : سن تشريعات قانونية تُحمي حرية التعبير وحرية الصحافة،  وتُضمن حماية المواطنين من الملاحقة القانونية بسبب مشاركتهم في وسائل الإعلام المواطنة.

حماية الخصوصية:ضمان حماية خصوصية المواطنين وبياناتهم الشخصية عند استخدامهم لوسائل الإعلام المواطنة.

مكافحة التضليل:وضع آليات لمكافحة المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة التي تُنتشر عبر وسائل الإعلام المواطنة.

تكريم المشاركين:من المواطنين الذين يُساهمون بشكل فعال في وسائل الإعلام المواطنة،  وتسليط الضوء على قصص نجاحهم.

الترويج للقيم الديمقراطية: مثل حرية التعبير والمشاركة،  والتأكيد على أهمية وسائل الإعلام المواطنة في تعزيز هذه القيم.

التعاون مع منظمات المجتمع المدني:وأيضا مع الهيئات الإعلامية لتعزيز مشاركة المواطنين في وسائل الإعلام المواطنة.

كل هذه الاستراتيجيات ليست مُستقلة عن بعضها البعض، بل يجب تطبيقها بشكل مُتكامل ومترابط لتحقيق أقصى قدر من الفعالية، مع مراعاة السياق المحلي والثقافي عند تطبيق هذه الاستراتيجيات،  لضمان نجاحها وتأثيرها الايجابي

 ويستكمل هذا الفصل النقاش باستحضار السينما ما بعد الاستعمارية بوصفها إطارا لتحليل الأفلام التي تتفاعل مع ديناميكيات القوة وتُعارضها، خاصة فيما يتعلق بالاستعمار وتأثيراته الدائمة.  فيُشير إلى أن السينما ما بعد الاستعمارية، على عكس سينما الجيل الثالث،  ليست حركة أو نوعًا سينمائيا محددا، بل هي أسلوبٌ للتفاعل مع الرواية البصرية للإمبراطورية وتفكيكها.  فهي أداة تحليلية تُمكّن من الكشف عن الإرث المعقد للماضي الاستعماري الذي يُؤثر حتمًا على الحاضر.

تُركز السينما ما بعد الاستعمارية،  مع حساسيتها للقضايا الجماعية،  غالبًا على القضايا والمساعي الفردية، دون إغفال تعدد أبعاد الشخصيات.  وغالبًا ما تكون هذه الشخصيات،  وليست بالضرورة،  مهمشة أو مُشردة أو محرومة من حقوقها بسبب أشكال أكثر دقة وانتشارا من القمع،  مثل الهجرة للعمل وإعادة توزيع رأس المال العالمي.  ويتجلى التركيز الاستعماري/ما بعد الاستعماري في مجال جديد من التجارب الحسية والسياسية، حيث تُعاد مواقع علاقات القوة،  وتُغيّر،  وتُعاد ترتيبها.

مع ظهور التشكيلات النيو استعمارية للسلطة في العالم المعاصر،  نُذكّر بأنّ آثار الاستعمار لم تنتهِ بعد.  يمكن للسينما ووسائل الإعلام بشكل عام أن تتعامل مع الخيال والواقع،  مُقدّمةً فرصا جديدة للمقاومة والتمرد من خلال إطار الجماليات والسياسات الجزئية.  تنهار الروايات الرئيسية إلى رؤى تعكس تاريخا أوسع،  غالبا ما يكون مُكبوتا،  مُشوّها،  غير رسمي للأمة،  مُكبرة دور الهوية في تقاطعها مع قضايا الطبقة والجنس والعرق.

إلى جانب هذه القضايا المتقاطعة، فإن  إحدى السمات الأكثر تكرارًا في السينما ما بعد الاستعمارية،  خاصةً سينما المهاجرين ما بعد الاستعمارية التي تُشكل جوهر التحليل في هذا الفصل،  هي “الأماكن غير المكانية”.  غالبًا ما يتم تصوير الشخصيات ما بعد الاستعمارية،  المهاجرين،  اللاجئين،  وطالبي اللجوء في أماكن غير مكانية مثل ضواحي المدن،  الفنادق،  مراكز الاحتجاز،  مخيمات اللاجئين،  في عرض البحر،  أو في المطارات.  وهذا مثال هامّ في السينما ما بعد الاستعمارية،  يُبرز مكونها السياسي والفني على حد سواء.

بصفة عامة، تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير على كيفية استهلاك الأخبار وتنظيم الحملات، حيث تعزز من قدرة المواطنين على التأثير في القضايا العامة بفعالية أكبر

أحدث المقالات

أحدث المقالات