لابدّ من الإعتراف وعلى كلّ المستويات بعدم وجود ما يمكن الإصطلاح عليه بِ ” الإعلام العراقي ” , ولعلّ التسمية الأنسب والأكثر دقّة هي ” الإعلام في العراق ” .
هنالك الكثيرون يرددون ويغرّدون مبتهجين أنّ الإعلام ووسائل الإعلام ” بعد الأحتلال ” غدت أفضل بكثير ممّا كانت عليه طوال فترة انظمة الحكم المتعاقبة منذ بداية العهد الجمهوري في عام 1958 , وهذا في جانبٍ منه او من زاويةٍ ضيقة , هو كلامٌ صائب
, لكنّ الأمريكان حين فتحوا بوابة الستلايت والقنوات الفضائبة على مصراعيها كانوا يستهدفون أمراً آخراً , وتضاعف هذا الأمر الى اضعافٍ مضاعفة حين أجازت ولربما اصدرت تعليماتها لأحزاب السلطة بأفتتاح وامتلاك قنواتٍ فضائية واذاعات وإصدار اعدادٍ كبيرةٍ من الصحف ” جرى تسميتها ” في حينها ” في الأوساط الإعلامية بالفورة الصحفية ! ” وعبر تسهيلاتٍ ومكافآتٍ ومنحٍ ماليّة مسرفة ! ويتذكّر العراقيون انكشاف فضيحة التمويل المالي للصحف بعد سنواتٍ قلائلٍ من الأحتلال .. وهنا فقد يتساءل البعض القليل عن الفائدة التي تجنيها الولايات المتحدة من صرف تلك الأموال الطائلة على وسائلٍ اعلامٍ عراقية ” غير وطنية ” , < ونحن هنا وكما دوماً نبتعد عن سمة او وصمة التعميم > , ومن دون أن نشير ودونَ أن نكتب , فالقيادة الأمريكية كانت وما برحت تستهدف تشتيت الرأي العام العراقي برمّته , ولعلّ من الطريف او غير الطريف التأمّل والتصور عن عدد المرّات التي جرى فيها ذكر فلسطين طوال الخمسة عشر عاماً من عُمر حكومات الأسلام السياسي .؟ وهي دونما ريب لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة إذا ما جرى ولو الإشارة للقضية الفلسطينية .
وَ عَودٌ على بدء حول دور التحليل السياسي الذي يتخذ من عموم الفضائيات العراقية كَ ” الواسطة او القناة الموصلة ” لإرسال الرسالة الإعلامية الى المتلقي او الجمهور ” حسب التوصيف الأكاديمي لعِلم الإعلام ” , فأنّ تلك القنوات الفضائية التابعة للأحزاب ” والتي يرفض الكثيرون من النخب الثقافية والسياسية الوطنية من الظهور على شاشاتها والتحدث بما يوائم ويلائم سياساتها الإعلامية المعروفة ” , فأنها تضطرّ للإستعانة بمن لا نقولُ ” مَنْ هبَّ ودبّْ ” وإنما بمن يناسبهم ومَنْ يهوون حبّ الظهور ومشاهدة صورهم والأستماع الى اصواتهم عبر تلكم الفضائيات , ليدلون بدلوهم في تحليلاتهم السياسية الجوفاء وهم ممن يفتقدون الى الخلفيات الإعلامية والأكاديمية والسياسية لإجراء هكذا تحليلاتٍ أقرب الى تحليلاتِ مختبراتٍ صحيّة تستخدم وسائلاً ومواداً طبيةً مغشوشة في تحليلاتها , وهذا ما يجعل الأطباء لتوصيف وكتابة علاجاتٍ وادويةٍ خاطئةعبر الإعتماد على تلك التحليلات وصحتها الفاقدة للصحة .! , وهذا ما ينعكس فوراً على تشظية عموم الرأي العام العراقي وليس تشتيته فحسب .!
وتقتضينا الأمانة الصحفية ” وغير الصحفية ” ايضاً الى الإعتراف والإشادة بكفاءة ومهارة عددٍ من المحللين الأمنيين والعسكريين الذين فرضوا رؤاهم وتحليلاتهم الدقيقة على كافة شاشات القنوات الفضائية العراقية والعربية .