23 ديسمبر، 2024 12:58 ص

الإعلام المؤسسي … الحاضر الغائب

الإعلام المؤسسي … الحاضر الغائب

الإعلام المؤسسي ، مصطلح يطلق على الإعلام داخل المؤسسات ، يعمل وفق منظومة إعلامية محددة ، داخل الإدارات العاملة في المؤسسة الواحدة ، أو بين المؤسسات ، بغية ايصال رسالة المؤسسة الى الجمهور . ومهام الإعلام المؤسسي . التعريف بأهداف المؤسسة ، وما تقدمه من خدمات ، والسياسات التي تحرك العمل في المؤسسة ، وما يمكن كذلك أن تقدمه المؤسسة ، لعملائها الداخليين ، وجمهورها الخارجي . والجهود المتنوعة التي تقوم بها المؤسسات ، وصولاً لتحقيق أهداف العمل فيها .
وقبل توضيح ما أريد الحديث عنه . لابد من الضروري في هذا المجال ، أن أتحدث عن أهمية الإعلام في حياة المجتمعات ، في ظل اتساع رقعة الاتصال الرقمي ، الذي بات يحاصر الجميع ، بكم هائل من المعلومات ، والرسائل الاتصالية ، والافلام المتدفقة ، عبر اجهزة الموبايل ، والحاسوب ، وشاشات التلفاز ، وغيرها . وهذه المنافسة المحمومة في الإعلام ، جعلت من وسائل الاعلام ، والمواقع الالكترونية ، ان تتخذ وسائل اكثر تقدما ، في استقطاب اكبر عدد من الجمهور ، من خلال تطوير وسائل الترغيب ، والإمتاع ، والإثارة ، والمصداقية . بل ذهبت اكثر من ذلك ، عبر استشعار حاجات الجمهور ، بمجسات عالية الحساسية ، واعتماد الابحاث العلمية ، التي تبحث عن ميول الجمهور ، ورغباته واتجاهاته ، ومزاجيته ، وعن طريق الاستبيانات ، والاستطلاعات العلمية كذلك . كما يحصل في بعض الدول المتقدمة . ونجد كل يوم شيئا جديدا في هذا المجال ، مما يدل على الأهمية القصوى ، للقائم بالاتصال في تجميع أدواته ، وتسخيرها ، بغية إيصال رسالته الإعلامية .
ولكن الحال لدينا يختلف كل الاختلاف . فمعظم العمل الإعلامي يقوم على الارتجال ، وبأساليب تقليدية ، بعيدة كل البعد عن واقع الحال الجديد ، سوى ان الوسيلة الإعلامية امتلكت التقنية ، ولكنها افتقرت الى الفكرة . مما جعلت نفسها تجتر المعلومة من فراغ إعلامي ، وتعيد تكوينها ، باجتهادات بعيدة كل البعد عن المهنية وكأنها في عملها هذا أشبه بثور الساقية – ان صح التعبير – تدور في حلقة مفرغة . وان تبنت أفكار غيرها ، وطبقتها على واقعها ، كانت أشبه بثوب فضفاض ، على جسد نحيلة .
إن مفردة معايير العمل الإعلامي ، لا تتداول في اغلب مؤسساتنا الإعلامية ، مما جعل البعض منها تتكأ على عصا الإمكانية المادية ، والتبجح ، والهرطقة الإعلامية الفارغة ، أو التسليم مما هو موجود ، دون تحريك ساكن تنخر فيها آفة الجمود ، واللامبالاة مما يحتم في النهاية سقوط مدوي .
هذه حال بعض المؤسسات الإعلامية . فكيف الحال بأعلام المؤسسات الاخرى غير الاعلامية ؟. ان الجمود ، هي الصفة الغالبة في العمل ” الاعلامي ” ، الذي يسخر بطريقة فجة ، وسقيمة ، لخدمة القيادات في المؤسسة . وهذا نتاج تراكمي ، من الجهل ، بواقع الاعلام ، وتهميشه ، وعدم الادراك بأهمية الرسالة الاعلامية ، مما جعل الامر يناط بموظف بعيد كل البعد عن اختصاص العمل الإعلامي . ووصل الأمر ، ان يكون مهمة الاعلام هامشية يقوم على ادارته موظف يكلف بمهام عديدة من بينها الاعلام . وبعض الوزارات ، انيطت مهمة مهام الاعلام لمؤسساتها ، ممن يحمل شهادة عليا ، حتى وان كان تخصصها ، لا يمت بصلة الى الاعلام ، ومهامه ، على الرغم من وجود كفاءات إعلامية جديرة بحمل شعلة العمل الاعلامي ، وتطويره ، مما جعل الوضع في تلك المؤسسات مأساوي على الصعيد المهني ، بسبب قيام تلك القيادات بإقصاء موظفي الاعلام ، الذين لهم تاريخ كبير في العمل الاعلامي ، وابعادهم قدر المستطاع ، لان هؤلاء يكشفون عورة الجهل في ادارة العمل الاعلامي ، الذي بحاجة الى ادارة اعلامية تتصف بالخبرة العميقة في العمل الاعلامي ، للوصول الى الحالة الأمثل في الادارة ، واستخراج الطاقات الاعلامية الحقيقية . فمنهم من يعتمد الكم في ضخ الاخبار ، على حساب الكيف ، مما يفقد الرسالة الاعلامية قوتها في الوصول الى الجمهور . وهذا ما نلاحظه في بعض المؤسسات مع الاسف . وسببه كما ذكرنا سلفا ضعف الرؤية تجاه حقيقة دور الاعلام في الحياة خاصة ، في ظل تكنولوجيا متطورة ، استطاعت من ايصال المعلومة الى اكثر الاماكن انعزالا في العالم . كما ان جزءا من نجاح المؤسسة يحمله الاعلام . وتميزها يستطيع الى الاعلام من ايصاله الى الجمهور . وعلى المؤسسة الاعتماد على الكفاءات . وان لا تكتفي بنقل الخبر المجرد ، بل عليها ان تقوم بصفة دورية بعمل استبيان ، واستطلاع للجمهور ، واضافة التحقيقات الاستقصائية ، إن أمكن بغية الكشف عن نقاط القوة والضعف وما هو المطلوب لتطوير المؤسسة وعملها .انها غيض من فيض .. ولو كشف الغطاء لظهر حجم البلاء .!