قبل أيام، استضافت شبكة روداو الإعلامية المفكر والسياسي والإعلامي حسن العلوي ليتحدث بوضوحه وصراحته، وبقوة وعنف نقده، دون الخشية من لومة لائم، عن غالبية التناقضات السابقة والحالية في العراق، والمرشحةٌ لكي تكون في واجهة الأحداث القادمة، والسيناريوهات المتداولة التي تأخذ بعين الإعتبار كل الإحتمالات الممكنة التي توحي بأننا في ظل غياب دولة المواطنة، والشراكة الحقيقية والتوافق والتوازن، وفي ظل إستمرار تسليم الشؤون الداخلية الى الدول الإقليمية، نتجه نحو الهاوية والدمار.
تحدث العلوي عن أمور تتعلق بتوجه الكورد نحو الإستفتاء، ودورهم في راهن الأوضاع والاستحقاقات والمستجدات القادمة والخيارات الممكنة والإمكانيات المتوفرة، وعن صدمة فوز الحزب الديمقراطي في الإنتخابات البرلمانية بالنسبة للذين اعتقدوا أن البارتي أصيب بصدمة 16 إكتوبر، عندما واجه علامات إستفهام كبيرة وكثيرة تتعلق بإستقراء الظروف والاختيار السليم لزمان ومكان وآلية معالجة الازمات السياسية والإقتصادية والأمنية، والتكفل بعدم زيادة التهابها.
تحدث العلوي وذهب، ولكنه إستوقفني كثيراً عند حديثه عن نيجيرفان بارزاني، حيث قال : (هو رجل براغماتي، ويمتلك من الدهاء ما لا يمتلكه غيره، كما أنه واقعي، وأنا أسميه (الإطفائي)، فكلما تندلع النيران، هو من يقوم بإطفائها، وأنا لم أكن مقرباً منه لأنه لم يكن من جيلي ولم أكن أعرفه. ولكن عند مراقبة سياسة نيجيرفان كمؤرخ ومراقب للقضية الكوردية، فقد نجح نجاحاً هائلاً، وهو من أبقى الإقليم قائماً حتى الآن).
كان العلوي محقاً ومنصفاً في قوله ورأيه تجاه نيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، رئيس حكومة الإقليم. أما وصفه بأنه (يمتلك من الدهاء ما لا يمتلكه غيره) فيعود الى متابعته كباحث لسيرة حياته التي تدل على أنه لاعب بارز وأحد أقطاب المعادلة الجيوسياسية في المنطقة، وأحد صناع القرار السياسي الكوردي، ويقف بشموخ على رأس الدبلوماسية الكوردية ويحظى بمكانة مرموقة في مراكز القرار الإقليمي والأوروبي والدولي كرجل له حضور قوي أظهر مهارة في حل أزمات عديدة وهو رجل المرحلة والمهمات الصعبة. ووصفه ب(الواقعي) نابع من يقينه بأن له الفضل في نجاح تجربة التعايش المشترك في الاقليم، والتي أصبحت مثار إعجاب العالم. وأنه واحد من الذين إعتادوا على مقارعة الظلم والمطالبة بالحقوق وتطبيق القانون والعدالة والمساواة بين الجميع وإختاروا أنبل الطرق للدفاع عن الكورد، والثبات على ماهم عليه، دون التأثر بعواصف الظلم والتنكيل، ودون الإنحناء أمام الإغراءات مهما كانت كبيرة ومغرية، والهجمات مهما كانت شرسة وقوية.
العلوي سمى نيجيرفان بارزاني، ب(الإطفائي) ، لأنه يدرك أنه أطفأ الكثير من النيران بحكمة وتأني ومرونة وأسلوب حضاري ومدني، وعالج إشكاليات معقدة كالصراعات والمشكلات الداخلية والأزمات السياسية بين الأحزاب الكوردستانية، وحرص على وحدة الصف والأمن والسلم الاجتماعيين في كوردستان. وفي وسط الزحمة والأحداث المؤسفة، بعد إستفتاء أيلول الماضي، وعندما كان الكوردستانيون يراقبون التطورات الميدانية والمتغيرات الإقليمية والتحولات التي تستوجب النظر والاستيعاب والتعامل والتجاوب معها، وكذلك التي تستحق مقاومتها، أرسل رسائل عدة لبغداد، لإطفاء النيران الملتهبة، مفادها أن العودة الى منطق العقل ولغة التفاهم والحوار والإعتراف بالحقوق المشروعة للاقليم تخدم الوضع الراهن والمستقبل لكل الأطراف وتشكل عاملا أساسيا وضروريا لمعالجة الأزمات العالقة بين أربيل وبغداد.
يعلم العلوي أن بارزاني نجح في إطفاء نار الحصار السياسي والإقتصادي والدبلوماسي المفروض على كوردستان، وفي فتح القنوات الدبلوماسية أمام الكوردستانيين وايصال همومهم ومعاناتهم الى ألاروقة الدولية، لذلك شبهه بالأطفائي الواقعي.