21 ديسمبر، 2024 6:12 م

بعض المجتمعات يكون التفاخر فيها بالقدرة على توفير الطعام لأعداد غفيرة من الناس في مناسبات متنوعة , فتحسب ميزة قوة وسيطرة وجاه , فالناس يُمتلكون ببطونهم , فإملأها طعاما , وستكون سيدا لأصحابها.
وهذا السلوك متوارث منذ قرون , عندما كان التفاخر بإكرام الضيف وإطعامه , وتقديم أعز ما عندك من الطعام , فمنهم من يذبح ناقته أو فرسه , والمشاهد والوقائع المتوارثة ما أكثرها.
والعجيب في الأمر أن الزمن لم يؤثر عليها ولم تتفاعل مع عصرها , بل بقيت القوة متصلة بالإطعام , مع أن هذه المجتمعات لا تستطيع إطعام نفسها , لإهمالها إنتاج الطعام وتصنيعه.
وتجد وسائل التواصل تزدحم بصور القدور المرصوفة المترعة بالطعام , وتنتظر التفاخر بتقديمه للناس , حتى صار الإطعام عند البعض طقسا لمناسبات متواصلة , وكأنه مكافأة مباركة لمن يفعل ما يفعل تعبيرا عن رؤية أو تصور فاعل فيه.
ويبدو أن السلوك قد تعمق وتطور فأصبح الجالسون على الكراسي , يعبّرون عن قوتهم وتسلطهم , بمنح المكرمات التي هي من أموال الشعب وثرواته , ويتفضلون على الناس لإستعبادهم وتطويعهم لتبعيتهم وخدمتهم , فالسلطوي الجيد مَن يعطيهم , وهكذا جرت العادة , فأضحى المسؤول في الدولة يقوم بتوزيع المكرمات عليهم.
والأمثلة على هذا السلوك تتكرر في ديار المجتمعات المرهونة بعطايا القابضين على مصيرها والسارقين لحقوقها.
فهل سنغير ما فينا ليتغير واقع حالنا ونعاصر ونكون؟!!
د-صادق السامرائي