يُحكى أن ملكاً كان يظنُ نفسه عادلاً في سياسته، وكان شعبهُ يتمتع بكافة أنواع الحرية، وكان يسمح لهم بالنقاش في كافة الموضوعات، وطرح الأفكار، ويحفظ حقوق كافة الأديان ويحترم آراؤها.
كان في المدينة ثمةَ عالمٍ، قال بعدم جواز أكل لحم الخنزير، وتَبِعهُ على ذلك أغلب الناس، لكن الملك كان محباً لأكل لحم الخنزير، بل لا تكاد أيَّة وجبة من طعامهِ تخلو منه، وعندما سمع بإبتعاد الناس عن أكل لحم الخنزير، تعصب كثيراً، وأمر شرطتهُ بأن يُحضروا جميع مَن يرفض أكل لحم الخنزير إلى قصره، فيُقدمهُ لهم، ومَن يرفض، يكون مصيرهُ القتل.
حضر الناس، فأمر الملك خدمهُ أن يجلبوا لضيوفه شرائح لحم الخنزير، فتوقف الناس وهم في حيرةٍ من أمرهم، فسألهم الملك: لماذا لا تأكلون؟ قالوا: قيل لنا أن أكل لحم الخنزير حرام! فقال الملك: ومن قال لكم ذلك؟ قالوا: العالم الفلاني.
أمر الملك شرطتهُ أن يحضروا العالم، الذي حَرَّمّ أكل لحم الخنزير على الفور، ذهب الشرطة فوجدوا العالم في صومعتهِ، فدنى منهُ قائد الشرطة، وكان يحبهُ ويتعاطف معهُ، وقال له: حضرة العالم إن الملك سيأمرك بأكل لحم الخنزير، وإلا فسيقطع رأسك، ولكي أُنقذك من هذا الموقف، فإني سأجلب لك لحم شاة، فكل منها وأنت مطمئن، والآن لنذهب.
جيئَ بالعالم ووقف بين يدي الملك، فأمر خدمهُ بأن يأتوا بلحم الخنزير، ليأكل العالمُ منه، فذهب قائد الشرطة، وجلب لحم شاة كما وعد العالم، ولكن العالم رفض أن يأكل، فدنى منهُ الشرطي وقال: كل يا سيدي إنهُ لحم شاة! فقال العالم: ولكن الناس سيرونني أكلُ لحم الخنزير!
هناك كثير من الناس ممن يبحث عن ثغراتٍ في القانون، أو كما يُطلق عليها بعض المتدينين بـ(الحيل الشرعية)، أو(للضرورة أحكام)، ليَنْفُذَ من خلالها، للوصول إلى مآربهِ الدنيئة، متخلياً عن مبادئ، لا يكاد لسانه يفارق النطق بها، ليل نهار، كما هو حال قيادات أحزاب إسلامية كثيرة، وصلت إلى السلطة، فأصبحوا كقائد الشرطة، بعدما كانوا يدعون بأنهم علماء!
فشرعنت سرقتها، وفسادها(المالي والاداري)، بل زادوا على ذلك، فهي تزعم الديمقراطية وتتبنى مفاهيم الحرية، ولكنها في الوقتِ ذاتُه، ما أن يعارضها أحد، حتى كادت لهُ مكيدةً، إستعبدتهُ من خلالها، ومن خلال فتوىً لفقهاء السلطان، فإن ثبتَ أهلكتهُ، وإن إهتز إستعبدتهُ وإستولت عليه.
بقي شئ…
ثمةَ مَنْ كسر إنوف الطغاة، ما زال منهم بقيةٌ، وسيكسرون أونوف طغاة العصر.