لمن لايعرف الكوبوند فهو تلك الواجهات الملونة التي غلفت معظم البنايات خلال السنوات الأخيرة ، فعلى الرغم أنها لاتمت بصلة الى تراثنا المعماري ولاتدل على ذوق بيئي وفني.. وعلى الرغم من أن المختصين من أهل الهندسة والتراث والشأن والتكنوقراط قد صرحوا وصدحوا برأيهم في أكثر من محفل بأن هذا الكوبوند هو سرطان معماري وبيئي.. وأن مخاطره البيئية والانسانية أكثر بكثير من بهرجة ألوانه ورخص أسعاره وسهولة تنفيذه..أقول على الرغم من كل ذلك واصل الكوبوند تغلغله فاكتسح مدنا بأكملها حتى أضحى كأنه تقليد من تقاليدنا وسر من تراثنا .. وكأن لعنة الزرق ورق التي أطلقها أمين العاصمة السابق تلاحقنا من بناية الى بناية ومن شارع الى شارع ومن حي الى حي ومن مدينة الى مدينة..نعود الى موضوعنا الأصلي وهو هذا الإصلاح الذي أوجع رؤوسنا وقض مضاجعنا وصرنا لانسمع حديثا ولا حسيسا ولا حوارا ولاخطابا إلا وفيه الإصلاحات والحزم والمبادرات الإصلاحية وتغيير الكابينة الوزارية والتكنوقراط والكتل السياسية.. وكأننا حقا نبدأ حقبة جديدة في بناء الدولة.. وكأننا حقا في زخم هذه الأحاديث والدعوات الى إصلاح البلاد والعباد سننتقل من حقبة الفساد والفوضى والتراجع والتشظي الى حالة مغايرة تماما والى حقبة النزاهة والعدالة والنظام والتقدم والتوحد.. واذا كانت المرجعية في النجف قد آثرت الصمت وهو صمت حكيم بعد أن بح صوتها للمطالبة بالتغيير.. واذا كان الصدر وجمهوره قد أنهى اعتصامه في الخضراء وعلى أسوارها بعد أن ضغط على رئيس الوزراء لتقديم قائمة من المرشحين بعيدة عن المحاصصة ..واذا كان العبادي قد قدم تلك الكابينة في ظرف مغلق الى البرلمان ..واذا كان البرلمان قد صوت بعد لأي وتردد على دراستها والتصويت عليها في مدة زمنية محددة ستنتهي بعد ساعات ..فإن كل ذلك لم يمنع الكتل السياسية أن تبدأ سباقها في تبديل المطالب الحقيقية للناس بواجهات جديدة تخفي وراءها وخلفها كل ملامح هذه الحقبة …ولم لا ؟! والبلاد ترزح تحت الجهل والتشرذم وعدم توحد الوطنيين..ولم لا ؟! وهذا الكوبوند الذي ملأ البلاد بعرضها وطولها قد تغلغل حتى في نفوسنا ..فلم لاتستخدم هذه الكتل هذه الواجهات نفسها مادامت مزكرشة ملونه وسريعة في إخفاء سوئها وقذاراتها ..لن يكون هناك إصلاح مع هذه الواجهات السرطانية سريعة الاحتراق ولن يكون هناك أمل إن لم نستطع نحن الوطنيون المخلصون الصادقون التكاتف والتعاون والتخطيط لبلد يحكمه من يضعون الوطن قبل كل شيء وبعد كل شيء.. لا من يضعون أحزابهم وعوائلهم وطوائفهم وقوميتهم قبل كل شيء وبعد كل شيء..فهل من إصلاح في الأفق؟؟.