22 ديسمبر، 2024 7:10 م

عندما نتساءل كيف نقرأ تجدنا ننجذب لإسم الكاتب لا إلى الموضوع , وهذه علة فاعلة في مجتمعاتنا ,
فالإسم يمثل الكثير من المعاني التي يُراد ترسيخها وتعميمها بين الناس .
قال لي أحد الأخوة إنه كان يكتب بإسم مستعار لا يوحي بشيئ , وما يكتبه يُنشر في معظم الصحف المحلية والعربية , ويُقرأ في محطات التلفزة , ويُعاد نشره في مواقع عدة , وكانت مقروؤيته عالية , وما أن نشر بإسمه الصريح , حتى صار تحت حصار شديد , فالإسم يثير رؤى وأحكاما مسبقة ومواقف خاطئة وتوصيفات جائرة.
فما قيمة الكتابة والثقافة إذن؟
لا يوجد لها قيمة إلا بقدر ما يُراد لها أن تعزز المفاهيم القاضية بتأمين الحكم , وتسلط الكراسي وتوابعها على مصير الناس.
فالكاتب الحر منبوذ , والمتطرف الطائفي مطلوب ومحبب , وعليك أن تكتب بمداد الفرقة والعدوان , وإن إعتصمت بحبل الوطن والإنسان , فأنك تشن عدوانا على حواضر التسلط والإمتهان.
فالقوة تكتب , والسلاح يكتب , والأقلام تتظلم وتتلعثم وتندب , وكل مَن عليها كاتب وشاعر وسلطان , وإبن الملوك والأمراء , وإن شئت إمبراطور الزمان والمكان.
وبهذا ترعرع البهتان , وصودرت حقوق الإنسان , فالقائد سجان , وكلها تقاتل سحبان , وباقل في ديارنا الراتع الفتان , يغنم ما يريد فكلها رزق مشاع من ربه المنان.
فلماذا تكتبون , والقافلة تسير , وإرادة التقليد يعبّر عنها المتسلط القدير.
فالوطن أنفال , والناس أرقام , وثروات البلاد حرام على العياد , فهي من حق الحاكم الجلاد , الذي يوزعها على فروع فئته الأمجاد , فلا تقل وطن , ولا تنادي بالمواطنة , فتلك من المحرمات بموجب فتاوى السمع والطاعة والأمر بالسرقات.
وعاشت العمائم المغردة فوق المنابر , فكلنا غنائم , ولهم الدنيا وما فيها ولنا التظلم والمآتم , وهم منبع الويلات والمآثم!!