23 ديسمبر، 2024 3:38 ص

الإسلام بين أزمتين

الإسلام بين أزمتين

هذه المقالة تبحث في ” أزمة أسلام الدعوة المحمدية و أزمة أسلام اليوم ”
النص :
سأتناول مفردة الأزمة في الأسلام من خلال ثلاث محاور ، وكما يلي :
** المحور الأول : أن أسلام الدعوة المحمدية ، كما هو معروف ، أنتهت بوفاة الرسول ذاته ، وأرى أن هذه هي الأزمة الأولى في الأسلام ، وكانت قد بدأت بواكير هذه الأزمة ببداية أحتضار الرسول ، وبزوغ مؤشرات عهد وحقبة لا تمت بصلة للدعوة المحمدية ، ألا بالمسمى / أي الأسلام ، وهي عهد الخلافة والحكم والسلطة والقوة ، وذلك من قبل رجال طمحوا للسلطة والقوة ، وأكبر دليل على هذا ، وحسب تحليلي الشخصي المتواضع ، ثلاث حوادث :
1 – لم يدع أصحاب الرسول / خاصة عمر بن الخطاب ، أن يكتب الرسول وصيته ، لطموحهم السلطوي ، خاصة لحسهم أن دعوة وتأثير ودور الرسول قد شارف على الأنتهاء ، وبدأ من حينه التفكير بمن سيأخذ زمام الأمر من بعده ، فقد ورد في موقع / الأسلام سؤال وجواب ، نقل بتصرف : (( عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا حُضِرَ النَّبِيُّ قَالَ : وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ : ” هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ ” ، قَالَ عُمَرُ : إِنَّ النَّبِيَّ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمْ الْقُرْآنُ فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ ، وَاخْتَصَمُوا ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِيِّ قَالَ : ( قُومُوا عَنِّي ) قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ : فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ : إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِم / رواه البخاري ( 6932 ) ومسلم ( 1637) .. )) . 2 – تأخر دفن الرسول ، وذلك لأنشغال الصحابة وتصارعهم بمن سيتولى أمر القوم بعد الرسول !! ، تاركين أمر تحضير الرسول لأهل بيته من أجل تهيئته وتحضيره للدفن ، دون أصحابه ! (( قال الزرقاني : إنما أخروا دفنه / أي الرسول ، لأختلافهم في موته أو في محل دفنه ، أو في أمر البيعة بالخلافة .. / ” شرح الموطأ ” 2/94 – نقل بتصرف من موقع / الأسلام سؤال وجواب )) . أما الذين حضروا الرسول لدفنه ، دون أصحابه أبوبكر وعمر بن الخطاب ، فقد جاء في كتاب السيرة النبوية لأبن هشام ، ( قال ابن إسحاق : فلما بويع أبو بكر ، أقبل الناس على جهاز الرسول يوم الثلاثاء ، فحدثني عبد الله بن أبي بكروحسين بن عبد الله وغيرهما من أصحابنا : أن علي بن أبي طالب ، والعباس بن عبد المطلب ، والفضل بن العباس ، وقثم بن العباس ، وأسامة بن زيد ، وشقران مولى الرسول ، هم الذين ولوا غسله .. ) . 3 – وعندما أصبح أمر وفاة الرسول باتا ، تمخض الأمر للأجتماع في سقيفة بني ساعدة ، لأختيار رجل الخلافة ، وكان كل الرجال أعينهم على الحكم و السلطة ، والرسول لا زال لم يدفن بعد ، الى أنتهى الأمر بأختيار أبو بكر الصديق خليفة للمسلمين ، ( ويروي الإمام البخاري في صحيحه ، في كتاب فضائل الصحابة حديث رقم 3668 خبر السقيفة واختيار خليفة المسلمين فيقول : حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا سليمان بن بلال عن هشام بن عروة قال : أخبرني عروة بن الزّبير عن عائشة ، قالت : “إن الرسول لما مات اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا : منا أمير ، ومنكم أمير ، فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ، فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر ، وكان عمر يقول : والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيّأت كلاماً قد أعجبني خشيت ألا يبلغه أبو بكر ، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس ، فقال في كلامه : نحن الأمراء وأنتم الوزراء . فقال حباب بن المنذر : لا والله لا نفعل ، منا أمير ومنكم أمير . فقال أبو بكر : لا ، ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء ، هم أوسط العرب داراً – يقصد قريشاً – وأعزهم أحساباً ، بايعوا عمر أو أبا عبيدة . فقال عمر : بل نبايعك أنت ، فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله ، فأخذ عمر بيده وبايعه الناس “. / نقل بتصرف من موقع www.almanhaj.com ) . من الأمر يظهر مدى تعطش الصحابة للمناصب والحكم ، وأنهم لم يتكلموا في أي أمرا يخص الدين أو الدعوة ، أو يخص الرسول نفسه . ** المحور الثاني : أما اليوم فالأسلام ، يمر بأزمة عقل ، وأزمة عوق فكري ، فلو تركنا جمهور الأسلام من العامة ، البسطاء ، الذين لا زالوا مغيبين فكريا ، ويؤمنون بما يقرأون فقط ، دون تحليل ، وحيدنا المفكرين جانبا ، وتعاملنا مع ” الطبقة الوسطى ” ، التي تتميز بوعي فكري و ذهني معتدل ، لوقعنا في هاوية من التجهيل الفكري للعقل الأنساني ، فيما يخص وما يرتبط ب ” الموروث الأسلامي ” ، من نصوص ، أحاديث ، سنن ، تفاسير ، فقه وفتاوى .. ، فكيف يمكن ، لهذه ” الطبقة الوسطى ” أن تقبل ، مثلا : بأيات السيف ، ك ” فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ (6) ” .. ” قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) / سورة التوبة ” ، ( وجاء في تفسير الطبري عن معنى ” عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ” ، وأما قوله: وهم صاغرون ، فإن معناه : وهم أذلاء مقهورون . ويقال للذليل الحقير: ” صاغر ” ) . وكيف يمكن أن نقبل بالسبي ، وكيف يمكن أن نجمله ونلطفه ، فقد جاء في موقع / أسلام ويب ، مقال تحت عنوان ” لماذا لم ينهَ الإسلام عن سبي النساء ؟ وما الحكمة منه ؟ ” التالي ( وأما الاستمتاع بالمسبية فليس فيه اغتصاب ، ولا عدوان على المرأة المسبية ، ولا انتهاك لحقوقها ، بل هو تكريم لها ورفع لقدرها ؛ لأن المسبية إذا دخلت في ملك الرجل بحكم السبي فإنها غالبا ستنضم إلى عياله وأهله ، وهي امرأة لها حاجاتها ومتطلباتها النفسية ، والجنسية ، فلو منعنا الرجل من وطئها ففي هذا فتنة له ؛ لأنها امرأة أجنبية مقيمة معه في بيته ، تقوم على خدمته وتشاركه خصوصياته فهي أمام عينيه صباح مساء ، وفيه أيضا فتنة لها نظرا لاحتياجها لما تحتاجه النساء .. ) ، وكيف يمكن أن نقرن الرزق بالرمح ، وألحاق الذل بالأخرين ، كما ورد وفق حديث الرسول ( وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة قال الرسول ” بعثت بين يدي الساعة وجعل رزقي في ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالفني ومن تشبه بقوم فهو منهم ” ، وأورده البخاري تعليقا في باب الجهاد قال ويذكر عن بن عمر الخ قال بن حجر في الفتح ج: 6 ص: 98 .. عن بن عمر بلفظ ” بعثت بين يدي الساعة مع السيف وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ” . نقل بتصرف من موقع / ملتقى أهل الحديث ) . وما العقل الذي يقبل وطأ الأماء !! ، فقد جاء في موقع / الأسلام سؤال وجواب ، نقل بتصرف التالي ( أباح الإسلام للرجل أن يجامع أمَته سواء كان له زوجة أو زوجات أم لم يكن متزوجا .ويقال للأمة المتخذة للوطء ” سرية ” مأخوذة من السِّرِّ وهو النكاح .ودل على ذلك القرآن والسنة ، وفعله الأنبياء فقد تسرَّى إبراهيم عليه السلام من هاجر فولدت له إسماعيل عليهم السلام أجمعين .وفعله نبينا ، وفعله الصحابة والصالحون والعلماء وأجمع عليه العلماء كلهم ولا يحل لأحد أن يحرمه أو أن يمنعه ومن يحرم فعل ذلك فهو آثم مخالف لإجماع العلماء .قال الله تعالى : ” وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا / النساء / 3 .” ) .. والحديث يطول ويطول في تناول أرهاصات ” الموروث الأسلامي ” / وما ورد هو غيض من فيض ، الخارج عقليا عن نطاق الزمان والمكان والواقع ، والمخالف عن واقع الحال مع مجتمع اليوم ، والذي يعتبر فكرا مشوها لا يمكن قبوله وفق المنطق العلمي للقرن الواحد والعشرين ، وهذا الموروث كان له ظروفه العامة وحيثياته المجتمعية قبل 14 قرنا !! . ** المحور الثالث / المجابهة والصدام الأكبر : مما سبق ، أتساءل ، كيف التعامل مع الموروث الأسلامي الشائك ، وما الحل مع مبدأ / شعار ، الأخوان المسلمين بأن ” الأسلام هو الحل ” ، وهل من فكر مضى عليه أكثر من 14 قرنا أن يكون هو الحل في القرن 21 ، وكيف نتجاوز نص أن الرسول محمد هو خاتم الأنبياء ، وهو سيد الخلق ورحمة للعالمين ، وأن أخر كتاب أوحي به هو القرأن ، وأن كل الكتب من بعده أو قبله كلها مزيفة ومحرفة ، وكيف نتقبل أن الدين عند الله هوالأسلام وفق الأية ( أنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ / 19 سورة أل عمران ) ، وكيف أن نهدي أكثر من 6 مليار غير مسلم / كافر ، للأسلام ، وكيف التعامل تعبديا مع أله الأسلام المختلف والمخالف مع أله موسى والتوراة والمسيح والأنجيل ، فكريا وسلوكيا ومنهجيا !! ، من جانب أخر ، هل يحتاج الأسلام الى تعديل أو تصحيح كعقيدة ، أو هل هناك ضرورة في تقويم الخطاب الديني ، وما الذي يمكن تقويمه أو تعديله ، فهل بالأمكان ألغاء الرجم وقطع يد السارق والسبي والجزية .. ، فلا أرى من أمل في تقويم الخطاب الديني ، كما أن الذين يدعون الى الوسطية والاعتدال في الأسلام ، أتساءل كيف تكون الوسطية والأعتدال !! وفق ما ورد سابقا من نصوص !! ، والسؤال الأهم ما هو وضع وحال وواقع 1.5 مليار مسلم ، وكيف التعامل معهم فكريا وعقائديا ، وهل بالأمكان أهمالهم ، أذا كانوا قد ولدوا على هذا الدين ، وعاشوا على موروثه ، وشربوا من قطرات دمه في الجهاد ( وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يجمعون 157 وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ 158 / سورة آل عمران ) ، والسؤال المحوري هو في كيفية تغيير عقلية المسلمين من أعتبار ، بل الجزم ، من أن غير المسلمين كلهم كفرة .. أني أرى أن أزمة أسلام اليوم ولدت من الرحم الماضوي المملوء بالأزمات ، بدءا من أزمة أحتضار الرسول وصولا الى أزمات اليوم ، والأسلام كلما نفذ من أزمة هوى بأخرى ، وأرى أن القادم من الزمن متفاقم بالأزمات !! .